سنة العراق وشيعته.. ورؤية بوش!

TT

في مذكرات (قرارات حاسمة) يعترف الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، بأنه لم يتنبأ بعواقب قرار حل البعث، حيث يقول «رحب الشيعة والأكراد في العراق - اللذان يشكلان الغالبية بين السكان - بالتخلص من صدام. لكن الأوامر كان لها أثر نفسي لم أتنبأ به، حيث اعتبرها الكثير من السنة مؤشرا على أنه لم يعد لهم مكان في مستقبل العراق. وانطوى هذا الموقف على خطورة، خاصة فيما يتعلق بالجيش، حيث جرى إخطار آلاف الجنود بأنه لم يعد مرغوبا فيهم. وبدلا من الانضمام للمؤسسة العسكرية الجديدة، انضم الكثيرون منهم للمتمردين».

ويقول «كان يتعين عليّ الإصرار على مزيد من المناقشة لأوامر جيري (بول بريمر)، خاصة بالنسبة للرسالة التي سيحملها قرار حل الجيش، وكيف ستؤثر سياسة حل حزب البعث على الكثير من السنة». مضيفا: «وبمرور الوقت اتضح أن برنامج حل حزب البعث، الذي أشرف عليه أحمد جلبي، الذي قضى فترة طويلة بالمنفى، ترك تداعيات أعمق مما حسبنا، بما في ذلك تأثيره على أعضاء الحزب من المستويات الوسطى مثل المدرسين».

ثم يضيف، وهنا مربط الفرس، «كانت قرارات صعبة، وكان من شأن أي بديل لها خلق مجموعة أخرى من المشكلات. لو كان الشيعة قد خلصوا إلى أننا غير جادين في إنهاء حقبة الحزب البعثي، ربما كانوا سينقلبون ضد التحالف ويرفضون هدف بناء عراق موحد ديمقراطي، ويدخلون في تحالف مع إيران».

والسؤال الآن بعد كل هذه السنوات: هل ابتعد بعض ساسة العراق، وتحديدا الأحزاب الشيعية عن إيران؟ الإجابة: لا! أول من أمس صرح مسؤول إيراني لصحيفتنا بأن طهران لا تشعر بالرضا عن الاتفاق السياسي بالعراق، لأن الحكومة التوافقية التي سيرأسها نوري المالكي «من غير المتوقع أن تعمل بالطريقة نفسها التي كانت تعمل بها الحكومة السابقة.. ربما سيكون أمامها عقبات.. ربما تجبر على التسامح مع البعثيين». هذا التصريح الإيراني، ناهيك عن أفعال طهران، تظهر أن الأميركيين كانوا ضحية خدعة من حلفاء إيران من المعارضة العراقية، كما كان الأميركيون ضحية سطحية بوش نفسه، وانسياق إدارته خلف المشاعر التي تشكلت بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية. فمن يقرأ مذكرات بوش سيلاحظ أنه بات لا يرى العالم إلا من زاوية 11 سبتمبر فقط، حيث توقفت الساعة بالنسبة له هناك، خصوصا أن بوش كان رئيس عزلة قبل الأحداث الإرهابية، وليس ذا نزعة خارجية، وهذا ما استغله حلفاء إيران من المعارضة العراقية، مع حماقة واضحة من نظام صدام حسين.

وإلى اليوم، يبدو أن الأميركيين لا يستوعبون خطورة إيران وحلفائها في العراق، وعن ذلك يقول لي شخصية عراقية وطنية كبيرة، تعليقا على مفهوم الأكثرية والأقلية، بأن الأميركيين لم يتنبهوا إلى أن «السنة، وإن كانوا أقلية، فإنهم يتصرفون بعقلية الأكثرية، بينما الشيعة، وإن كانوا أكثرية، فإنهم يتصرفون بعقلية الأقلية.. السنة يريدون عروبة العراق واستقلاليته، بينما بعض القيادات الشيعية تريد التبعية لإيران». وهذا بيت القصيد!

[email protected]