استثمر في ذاتك!

TT

أفضل استثمار هو ما تنفقه لتطوير ذاتك. هذا الاستثمار الوحيد الذي لن يتمكن أحد من انتزاعه منك. ونقصد تحديدا المبلغ الذي قد تستكثر أن تنفقه أنت أو مؤسستك على الدورات التدريبية لتطوير مهاراتك بسبب الاعتقاد بعدم أهمية التدريب. أحد الباحثين العرب أراد التأكد من جدوى التدريب على العاملين في الجهات الحكومية والخاصة من خلال دراسة عنوانها «أثر التدريب في سلوك الموظفين كما يراه رؤساء العمل»، فتوصل إلى أن التدريب الذي تلقاه هؤلاء الموظفون كان له تأثير إيجابي ملحوظ، وليس كما يزعم البعض، إذ كان «تأثيره في المعرفة المهنية بنسبة 50%، بينما كان تأثيره في المهارات (Skills) بنسبة 43% وفي الاتجاهات (Tendencies) بنسبة 59%». (د. فهد يوسف الفضالة، «أثر التدريب في سلوك الموظفين كما يراه رؤساء العمل.. دراسة ميدانية مقارنة بين الجهات الحكومية والجهات الخاصة بدولة الكويت». مجلة «حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية»، عدد 24، 2003 – 2004).

وتوصل الباحث د. فهد الفضالة في دراسته التي نشرها في مجلة «حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية» الصادرة عن جامعة الكويت، إلى أن «تأثير التدريب على مستوى السلوك المهني للموظف ككل كان بنسبة 49%»، وهي نسبة ليست بالقليلة، إذ تشير إلى أن ما تستثمره في ذاتك لا بد أن يغير شيئا من سلوكك. ميزة حضور الدورات التدريبية أنها تمهد لك طريق النجاح، لأنك إن أحسنت اختيار الدورة والمحاضر المتمكن، فإن ذلك يكسبك جملة من المهارات الجديدة ويصقل مهاراتك الحالية، ويمدك بمعلومات مهنية وفنية وفيرة تساعدك على حل المشكلات الحياتية أو الوظيفية التي تعترضك، الأمر الذي يجعل أداءنا متميزا عن نظرائنا، شريطة أن نطبق ما تعلمناه.

ولا أعلم لماذا تبخل بعض المنظمات المقتدرة ماديا في إرسال الموظفين إلى أفضل الدورات العالمية أو تغض الطرف عن محسوبية بعض المسؤولين في توزيع الدورات الأفضل على «حبايبهم» أو المتزلفين وكأنهم يوزعون غنائم حرب، تاركين غيرهم من المنتجين الكادحين؟! الدورات أمر في غاية الأهمية لتطوير الفرد؛ ولذا نجد بعض البنوك والمؤسسات الكبرى، «تجبر» الموظف على حضور عدد محدد من الدورات حتى يرتقي أداؤه ويصبح مؤهلا لتولي مهام وظيفية أعلى.

ولكن لا يجب أن ينتظر الموظف أن تمن عليه جهة عمله بابتعاثه إلى دورة تدريبية تطور قدراته، بل يفترض به أن يخصص نسبة من دخله الشهري (5% أو أكثر) لحضور دورات متخصصة لتطوير ذاته. وإذا لم يجد دورة يراكم المبلغ شهريا حتى يعثر على دورة مفيدة. هناك كم هائل من الدورات ذات أسعار معقولة تقدمها مراكز خدمة المجتمع التابعة للجامعات، التي يحاضر فيها متخصصون في كل المجالات، من إدارة الأموال، وإدارة الأعمال، وفن التعامل مع الناس، والتعامل مع ضغوطات الحياة، بل حتى فنون الطهي والعقار والاستثمار. ولا يتجاوز سعر معظمها حاجز 250 دولارا أميركيا.

أما من لا يملك من الوقت أو المال ما يستثمره في نفسه، فليضع له «هدفا أسبوعيا» بالاستماع إلى دورة تدريبية ممتعة في سيارته أو مشاهدة مقاطع من دورة عبر مواقع الإنترنت. فالمواظبة على هذا السلوك سيراكم لدينا مهارات كثيرة لا تقدر بثمن. عاتب نفسك باستمرار: «كيف يمر أسبوع كامل ولم أتعلم شيئا جديدا يطور تفكيري ومهاراتي؟». ويمكن أن تبدأ «كل يوم» بمشاهدة فيديو قصير على الإنترنت يشحذ هممك أو يعلمك شيئا جديدا. وللشركات التي تستكثر إرسال موظفيها إلى دورات مكلفة، يمكنها استضافة المدرب في داخل المنظمة، وهو ما يسمى بالـ«In House Training»، أو «التدريب الداخلي»، فهو أوفر وينفع أكبر عدد ممكن من الزملاء.

يقول شكسبير إن هناك ثلاث عبارات لتحقيق النجاح: 1) كن أعلم من غيرك. 2) اعمل أكثر من الآخرين. 3) توقع أقل مما يحصل عليه الناس. البند الأول سوف يعينك على بلوغه التدريب المتواصل مع الخبرة العملية، أما البندان الآخران فهما في يديك، طبقهما وستدهش بالنتيجة.

[email protected]