أحد مشاريعنا الخرافية المضحكة!

TT

سألني: عندك فلوس؟

قلت: لا.

قال: أنت عارف فلوس معناها إيه؟ يعني عندك كم مليونا؟

قلت: والله أنت حسن الظن بصناعة الكتابة.. تحب أذكر عدد العظماء المفلسين: العقاد وطه حسين والحكيم والمازني وغيرهم. وأنا لست إلا واحدا منهم.. وأنت تسألني لماذا؟

قال: أنت نسيت أن لدينا مشروعا لشراء تلسكوبات أكبر لنرى أبعد وأوسع وأن نشارك في رؤية بعض الأحداث الفلكية... إلخ.

إنه صديق عالم في الفيزياء والرياضيات، وهو أحسن مني ألف مرة ومجنون مثلي بعلم الفلك والنظر إلى السماء والنجوم وقراءة كل ما يصل إليه من كتب وأفلام. وكان يحلم بأن يكون لديه مرصد فلكي صغير فوق السطوح. ومع الأسف فقد بنيت الغرفة فوق السطوح وأتيت بمهندس متخصص فوضع العدسات في مكانها المناسب وجعلنا نحركها بسهولة حسب الخريطة التي ترسمها المراصد للهيئة الفلكية هنا أو في أي مكان آخر.

وعندما اكتمل كل شيء كانت سعادتنا مطلقة واحتفلنا بذلك الحدث.. وفرحتنا الغامرة أنستنا تماما أن المرصد الذي أقمناه لم يكن في المكان المناسب.. فحولنا أضواء كثيرة وضوضاء وفوقنا سحب ودخان وهباب وتراب. يعني لا يصلح ولا أمل إلا إذا أطفأنا الأنوار حولنا وغسلنا السماء من الدخان والتراب والهباب والرطوبة.. ولا بد أن نحمل هذه التلسكوبات كلها ونرحل أو نضعها في الصناديق كما كانت ونغلق الحجرة التي أقمناها.. وهذا بالضبط ما حدث. ولكن الجنون بالفلك قد أعمانا عن الذي رأيناه وأفسد علينا كل شيء.. لذلك لم يكن هناك أي معنى لأن يسألني إن كان عندي فلوس. حتى لو كان عندي فالمكان ليس مناسبا، والحل الوحيد الممكن أمامنا هو أن نضع العدسات فوق سيارة وننطلق بها إلى أعماق الصحاري لنرى أوضح وأجمل. ولكنها رحلات مرهقة ذهابا وإيابا. والحل؟

الحل هو الذي يلقاه الذين ليس عندهم فلوس. والفلوس هذه معناها ملايين. وهذه الملايين ليس مكانها جيوب الذين يكتبون!

وذهبنا، على سبيل التسلية، إلى من عنده فلوس. وعرضنا عليه المشروع وقلنا وأطلنا. وقال الرجل: موافق.

وفى غاية الرقة واللطف والخجل سألنا: وهل هناك عائد مادي؟

ولما وجدنا ننظر إلى بعضنا البعض أدرك الرجل أنه لا عائد. صافحنا ورجانا أن نعود إليه كلما وجدنا فكرة مضحكة ومشروعا خرافيا!