وأنتم الملاعين الأجانب!

TT

يمكن العودة إلى كتاب جيمي كارتر «مفكرة البيت الأبيض» كثيرا ومن أبواب عدة. وفي كل مرة نخرج بصورة مختلفة لرجل واحد أمضى ولاية واحدة في رئاسة أميركا. أكثر ما يلاحظ في المفكرة حضور العائلة أكثر من الدولة: الزوجة روزالين والابنة أيمي وشقيقه بيلي، الذي اتهم بتلقي الأموال من ليبيا التي كانت في عز عدائها مع واشنطن. لكن الرئيس يدافع عن شقيقه على نحو محزن: لم يقبض بيلي أموالا من طرابلس، وإنما تلقى منها سلفة 200 ألف دولار عن صفقة نفط كان الوسيط فيها.

وعندما أوقفت أيمي خلال مظاهرة أمام البيت الأبيض، كانت هي على حق. السياسة الخارجية على خطأ. ولكن عندما تلفظت بكلمة بذيئة، كان عليه أن يؤدبها. ولا يعرف أحد في الحالتين، البذاءة والتأديب، ما هي أهمية ذلك للتاريخ وسياسات البيت الأبيض. ويحتار المرء كيف عثر كارتر على وقت لإدارة البلاد، بينما كان يمضي كل ذلك الوقت في تدوين اليوميات أو في إملائها!

ويروي أنه رافق الحسن الثاني في جولة في البيت الأبيض، وتوقفا لإلقاء التحية على أمه في الدور الثاني: «كانت قبل قليل في زيارة إلى المغرب، وروت أنها كانت تتنشق في سكنها 21 رائحة من عطور المغرب. وعرض عليها الملك المزيد من العطور لكنها رفضت. وضحكت أمي قائلة: أنتم الأجانب الملاعين جميعا متشابهون! وضحك الملك أيضا وغمرها وقبلها».

ولا يتردد كارتر في وصف الذين عارضوا آراءه أو انتقدوه، بـ«الحمير». من مناحم بيغن إلى القس جيسي جاكسون. ويصف السيناتور هاريسون شميث بأنه «أحد أكبر المهرجين في مجلس الشيوخ»، وأما المستشار الألماني هلموت شميت فيصفه بـ«الطفل المصاب بالرعاب».

وجاء كارتر بفريق عمل من جورجيا، معظمه من القساوسة. ولم يخرج عن القاعدة سوى وزير خارجيته سايروس فانس ومستشار الأمن القومي زبغينو بريجنسكي. وعلى الرغم من أهمية الاثنين، ظل - كما يروي - يعتمد إلى حد بعيد على رأي المنجمين الفلكيين. ويقول إن السوفيات كانوا يعتمدون في حالات خاصة على هؤلاء.

ويروى أن قارئة الكف اللبنانية «فاطمة» تكهنت بمقتل رياض الصلح خلال زيارته إلى عمان. أما كمال جنبلاط فكان يقول لكل من حوله إن منجما في الهند أبلغه بأنه سوف يموت قبل أن يبلغ الخمسين. وكان شديد الاقتناع بذلك. ويروي ناشر كتبه أنه استعجله في عملية الطبع لكي يرى كتبه قبل وفاته. وقد غاب قبل الخمسين بأربعة أيام.