خطة يتعين علينا الاضطلاع بها بالشكل الصحيح

TT

في التاسع عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نشرت مؤسسة «راسموسين رويبوتس» نتائج استطلاع وطني للرأي أجرته باستخدام الهاتف أظهر أن 47 % من الناخبين المحتملين في الولايات المتحدة قالوا إن «أفضل أيام دولتهم جاءت في الماضي» بينما ذكر 37 % أن أفضل الأيام سوف تكون في المستقبل. ولم يحدد 16 % من الناخبين رأيهم بهذا الخصوص. وقبل تنصيب الرئيس أوباما بوقت قصير، قال 48 % من الناخبين المحتملين إن أفضل أيامنا ما زالت ماثلة أمامنا، بينما قال 35 % منهم إنها جاءت ورحلت. وهذا توجه يثير القلق.

فما الذي يدفع هذا التوجه؟ دعوني أقل: ما الذي لا يدفعه؟ إنه لا يكمن في أن ملايين الأميركيين قد بدأوا فجأة يشعرون بالقلق إزاء الدين الوطني. وبشكل جاد، هل تعرف أي شخص يقول: «لم أتمكن من النوم خلال الليلة الماضية. لقد كنت أتقلب وأتحرك في الفراش حتى الفجر قلقا على الدين الوطني الذي وصل الآن إلى 14 تريليون دولار». عذرا، هذا يحدث فقط في إعلانات الحملات الدعائية الزائفة.

وأنا أعتقد بأن ما يثير الشعور بالتشاؤم اليوم هما هاجسان متقاطعان. والهاجس طويل الأجل هو أن الناس يفهمون بشكل بديهي أن أكثر شيء نحتاجه الآن هو بناء الدولة في أميركا. ويفهمون هذا فقط عبر النظر من حولهم إلى بنيتنا الأساسية المتداعية ومحركات خلق الوظائف المتوقفة في الولايات المتحدة ونتائج أحدث اختبارات دولية للتعليم التي تظهر أن نظراءنا يتفوقون في التعليم علينا، وهو ما يعني أنهم سوف يتفوقون في المنافسة علينا في نهاية الأمر.

ويعتقد عدد كبير من الناس بأننا ننزلق كدولة، وما كانوا يرونه في أوباما، أو ما كانوا يتصورونه منه هو أنه كان يمتلك كلا من الرؤية والقدرة على توحيد أميركا خلف خطة لبناء الدولة في الداخل.

ولكنني أعتقد بأنهم يفهمون شيئا آخر، وهو أننا نواجه بالفعل لحظة خطيرة. ويجب أن نمتلك هذه الخطة لبناء الدولة بشكل صحيح، لأننا نقود سيارتنا بدون إطار بديل أو ممتص للصدمات. وقد تركتنا خطط الإنقاذ والمساعدات المالية التي أدرناها لأنفسنا بدون الكثير من قدر كبير من وسائل الراحة. وقد يكون هناك مجال، وحتى ضرورة للقليل من المساعدات المالية الإضافية. ولكننا يجب أن نصل إلى هذه اللحظة بالشكل الصحيح. ونحن لم نحصل على فرصة لإعادة ترتيب الأمور منذ البداية من جديد. وإذا فشلنا في الاتحاد والاستثمار والإنفاق وتقليل النفقات فعلا بشكل حكيم، فسوف نتقدم في اتجاه التعرض للسقوط – وإذا أصبحت الولايات المتحدة ضعيفة، فلن ينشأ أطفالكم في دولة مختلفة فحسب، ولكنهم سوف ينشأون في عالم مختلف.

ويجب أن ندير السياسة الخارجية الأميركية، وأن نخطط لعملية إعادة بنائها في الداخل، في وقت أصبحت فيه مواردنا المالية وقوتنا الجغرافية السياسية أكثر محدودية من أي وقت مضى، بينما أصبحت التزاماتنا في الخارج ووعود الاستحقاق في الداخل أكثر توسعا وشمولا من أي وقت مضى.

وهذا هو سبب اعتقادي بأن معظم الأميركيين لا يريدون خطة لتقليل العجز. وتبدو رؤية حزب الشاي ضيقة وغير ملهمة. ويريد الأميركيون خطة تجعل أميركا دولة عظيمة مجددا، وهم يعلمون بمستوى معين أن هذه الخطة سوف تتطلب سياسات هجينة – وهي سياسات تمزج بين عناصر القدرات الطبيعية لكلا الحزبين. وسوف يتبع الأميركيون رئيسا – وسوف يدفعون حتى المزيد من الضرائب ويتنازلون عن المزيد من الخدمات – إذا اعتقدوا بأنه يمتلك بالفعل خطة بإمكانها جعل أميركا دولة عظيمة مجددا، وليس فقط من أجل تحقيق الانتصار له في عام 2012 بنسبة 50.1 %.

وسوف تتطلب السياسات الهجينة اتخاذ خيارات صعبة؛ حيث سنحتاج إلى رفع الضرائب المفروضة على البنزين والكربون لإعاقة استخدامهما ودفع إيجاد صناعة طاقة جديدة ونظيفة، بينما نقوم بخفض الرواتب والضرائب التجارية من أجل تشجيع التوظيف والاستثمار المحلي. ونحن نحتاج إلى تقليل مستحقات الرعاية الطبية والتأمين الاجتماعي في الوقت نفسه، بالتزامن مع القيام باستثمارات جديدة في البنية الأساسية والمدارس وبرامج الأبحاث التي تمولها الحكومة والتي سوف تنتج شركات «غوغل» و«إنتل» التالية. ونحن نحتاج إلى إنهاء عملنا في العراق، الذي لا يزال يمتلك القدرة على أن يكون مغيرا للعبة طويلة الأجل في العالم العربي - الإسلامي، ولكننا نحتاج إلى الخروج من أفغانستان – حتى وإن كانت هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر – لأننا لا نقدر على تحمل إنفاق 190 مليون دولار يوميا من أجل نقل أمراء حروبها الفاسدين من القرن الـ15 إلى القرن الـ19.

صحيح أن الرئيس أوباما ورث فوضى هائلة من فريق بوش المتهور، ولكن جريدة «ذا أونيون» لم تكن بعيدة عن الصواب عندما كتبت في عنوانها الافتتاحي الساخر وقت تنصيب أوباما: «رجل أسود يحصل على أسوأ وظيفة في الدولة». ويستحق أوباما ثناء أكثر مما تلقاه بسبب حفاظه على استقرار الاقتصاد وإحيائه لصناعة السيارات.

ولكن السبب في عدم حصوله على هذا الثناء لا يكمن فقط في أن هؤلاء الجمهوريين البغيضين يقولون كل هذه الأشياء البغيضة عنه. وعلى كل، يمتلك أوباما أكبر وعاظ متنمرين في العالم. وهذا لأن 40 % من الأميركيين الذين يتخذون موقفا وسطا والذين حددوا انتخاباتنا الأخيرة لا يرون وجود خطة متكاملة لبناء الدولة في الداخل لا تتضمن المزيد من النفقات فحسب، ولكنها تحتوي أيضا على خيارات صعبة. وأفضل شيء يمكن أن يفعله الرئيس الآن هو الإعلان عن دعمه لمسودة التوصيات المتعلقة بكيفية تقليل العجز في ميزانية الدولة التي وضعها للتو الرئيسان المشتركان للجنة المالية في البيت الأبيض إرسكاين باولز وآلان سيمبسون. وفي خطتهما، سوف يتعرض كل فرد لخسارة محدودة.

وعبر فعل ذلك، يمكن أن يفرض أوباما سيطرته على الجدل الدائر. ويمكن أن يقول الرئيس إنه لا يوافق على كل تخفيض يقترحانه وإنه يرغب في إضافة استثماراته الخاصة في مستقبلنا. ولكن توجههما الهجين، الذي يمكن أن يوضحه، هو الطريق الوحيد العملي للولايات المتحدة في الوقت الحالي – والطريق الذي ينوي استخدامه كأساس لخطته المتعلقة ببناء الدولة في أميركا حتى لا نرى استطلاعات للرأي تشير إلى أن نصف الدولة يعتقد بأن أفضل أيامنا قد ولت خلف ظهورنا.

* خدمة «نيويورك تايمز»