وكأنهم بلا أولاد ولا بنات!

TT

كان لي كتاب عن الموسيقار موتسارت وضاع – سرقوه ولم ينشروه. فما الفائدة من هذه السرقة! ومضى عشرون عاما على الكتاب ولم يظهر له صاحب آخر..

وعلى الرغم من أنني لا أفكر في إعادة كتابته فأنا الغلطان. وكان من الواجب أن أحتفظ بصورة منه تحسبا لمثل هذا اليوم.

وقد قرأت أخيرا أن اثنين من أولاد موتسارت الستة حاولا أن يكونا عازفين، فكانا. وكتب الأول ونشر. ولكن لم يلق أي اهتمام، فلا وجه للمقارنة بينه وبين أبيه. فتوقف عن التأليف. والابن الآخر وقف عند منتصف الطريق ثم اتجه إلى إدارة الأعمال. ومن النادر أن نجد للعباقرة أولادا. وإذا وجدوا لم يفلحوا.. وإنما تواروا حتى الموت في ظل آبائهم. وعندنا في أدبنا العربي وفنوننا الكثير أيضا.

طه حسين كان له ولد وبنت. الولد عاش أجنبيا ومات غريبا. وما كتبه لا قيمة له. وأمير الشعراء شوقي له ابن اسمه حسين له محاولات متواضعة في الشعر. وله أغنية كلما أذيعت نسبوها لأبيه. وتوفيق الحكيم له ابن عازف جيتار. ولم يكتب سطرا لأبيه ولا عن أبيه.. والعقاد لم يكن له أولاد.. وأحمد حسن الزيات أحد أبنائه يملك كبرى شركات الكحوليات في مصر.. وإبراهيم عبد القادر المازني له ولدان يعملان في صناعة السينما.. والمؤرخ عبد الرحمن الرافعي له بنات لا نشاط لهن. ونجيب محفوظ له ابنتان لا تقرآن إلا بالإنجليزية.. والموسيقار محمد عبد الوهاب ابنه يعمل في أحد الفنادق. وأم كلثوم وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ ليس لهم أولاد وكمال الطويل له ابن ملحن دون موهبة أبيه، والموجي أولاده وبناته تخصصوا في دراسة وحفظ تراثه ولهم تجارب متواضعة.

وبنات الفلاسفة كروتش وماليرو وكامي ليست لهن اهتمامات الأب. والفيلسوف سارتر تبنى فتاة من إسرائيل وأورثها كل كتبه. والرئيس ميتران له ابنة غير شرعية نشرت كتابين وليسا من الأدب الباقي. والشاعر العظيم غوته له ابن. وبس. وعالم الفيزياء آينشتاين له ابن مات في مستشفى الأمراض العقلية ولم يره أبوه مرة واحدة!

والشاعر رامي والشاعر محمود حسن إسماعيل لهما أولاد وبنات ليست لهم آثار أدبية أو فنية.. والشاعر كامل الشناوي ليس له أولاد ولذلك كان حريصا على أن يلتف حوله كل الأدباء والفنانين الشبان، ليكون لهم أبا يساعدهم، وقد ساعدنا كثيرا – يوسف إدريس وعبد الحليم حافظ وأنا وعشرات الصحافيين. والفيلسوفان زكي نجيب محمود وعبد الرحمن بدوي ليس لهما أولاد ولا بنات.

سمعت توفيق الحكيم يقول في أسى عن ابنه: لم يقرأ لي سطرا واحدا ولم يجد حرجا في أن يعترف لي بذلك.

وسمعت نجيب محفوظ آسفا: ابنتاي مستشرقتان لا تقرآن!