كارتر في كل برلمان

TT

قال عنوان صحيفة مؤيدة لإيران عن انتخابات مصر: «غدا السلطة ترث نفسها». ومعروف أن الذي فاز في الانتخابات الإيرانية لم يكن المعارضة. ففي قارات كثيرة من هذا الكوكب تقام الانتخابات البرلمانية والرئاسية من أجل أن يحضرها جيمي كارتر ويمنحها بركاته وابتساماته وأكاد أقول، مع أغنية عبد الحليم، وحياته أيضا.

في يوم انتخابات مصر، ذهبت إلى الصناديق أيضا هايتي وكوت ديفوار. ولا نحب أن نقارن، أولا: احتراما لمصر، وثانيا: احتراما لمصطلح انتخابات. وقبل أشهر كان السودان قد ذهب يقترع من أجل أن تفوز عصا البشير، في حضور لجنة مراقبين دولية تتقدم أعضاءها ابتسامة المستر كارتر، الذي يصرف أيام تقاعده ما بين حضور الانتخابات الحرة الديمقراطية، وما بين إلقاء عظة الأحد في كنيسة بلدته، بلينز.

هل من الضروري أن نعدد الدول التي تجرى فيها انتخابات، معظمها في حضور لجان مراقبة دولية؟ سجل: نيجيريا، بنما، فنزويلا، اليمن، روسيا، سريلانكا، بنغلاديش، جزر القمر، وطبعا باكستان؛ حيث الديمقراطية في أبهى مظاهرها: يحق لرجل قضى في السجن 11 عاما أن يترشح، وأن يفوز. أجل، نيلسون مانديلا ليس أفضل، ثم إن الرئيس الباكستاني يتميز عن مانديلا، بختم ممهور بتوقيع جيمي كارتر، وابتسامته. وياضيعان أغنية عبد الحليم.

ماذا ذهبت هايتي تفعل يوم الأحد الماضي؟ وماذا ذهبت كوت ديفوار تفعل؟ أنا أفهم أن مصر هي بلد مصطفى النحاس و«الوفد» وسعد زغلول وكان برلمانها في يوم من الأيام (أيضا عبد الحليم) شبيها ببرلمان وستمنستر. ولكن هايتي وكوت ديفوار ونيجيريا لا تزال في معيشتها أقرب إلى القرن الرابع عشر: أكواخ من الطوب والقش في الأرياف، ومجتمعات لا علاقة لها بالدولة والحكومة والإدارة، إلا من حيث وجودها معا فوق كوكب واحد، وهو الكوكب نفسه الذي يحمل ختم كارتر في نزاهة الانتخابات وابتساماته وعظاته في مزارع الفستق.

على الأقل مصر احترمت نفسها برفض السماح للجنة المراقبة الدولية بالحضور في باصات خاصة للتجول في آثار «أبو سمبل» مجانا. ومعها طبعا ختم المستر كارتر. وعلى هامش البرلمان، في مصر صحف وأحزاب وبينها «حزب الإخوان»، الذي يعتبر الديمقراطية اختراعا صهيونيا. كل شيء نسبي في هذه الدنيا. ومصر ليست البرازيل، لكن إيران ليست سويسرا ولا بريطانيا. وإذا كان لا بد من تحسينات أو تصليحات تدخل على انتخابات الكرة الأرضية، فلنبدأ بإلغاء لجان المراقبة. الزيف ليس في حاجة إلى تزوير.