اسمع كلامي ولا تسأل الطبيب

TT

مشكلة الأطباء أنهم أخذوا يغيرون رأيهم من يوم إلى يوم. فعندما شكوت من معدتي للطبيب المختص قبل ثلاثين عاما نصحني بتحاشي الألياف والأطعمة الخشنة والاعتماد على الأكل الناعم، مثل المحلبي والجيلي والكاسترد. والتزمت بهذا المنهج. لم تتحسن صحتي. وبعد نحو عشرين عاما استشرت الأطباء ثانية، فنصحوني بأكل الليفيات وكل ما هو خشن. قلت لهم هذا ما حذرتموني منه. قالوا هذا كان غير صحيح. غيرنا رأينا الآن. اتبعت النصيحة الجديدة ولم تتحسن معدتي. أخيرا اعتمدت على نفسي في معالجة نفسي. توقفت عن متابعة الفضائيات العربية وأخبار العراق. وتخلصت من القرحة والحمد لله.

هناك في وطننا العربي من يعملون ومن لا يعملون. من يعملون هم سائقو التاكسي وحفارو القبور ومهربو العملة. ومن لا يعملون هم الساسة والوطنجية. أنا لا من هؤلاء ولا هؤلاء. أنا من فصيلة خاصة، فصيلة من يبالغون في العمل. لا بد أن القراء لاحظوا مبالغاتي في كل ما أقول. ذكر لي الدكتور وسام قندلا أن صعود السلم مضر لمن يعاني من مرض قلب، ومفيد لمن عندهم قلب قوي. أنا ممن عندهم عقل ضعيف، فصدقت ما يقوله زعماؤنا وكتابنا. ولكن عندي قلب قوي بدليل وقوعي في حب عشرات الفتيات. وهذا دليل آخر على ضعف عقلي وفطنة عقلها. مضى صديقي الدكتور فقال إن كل درجة ترتقيها من السلم تضيف لعمرك ثانيتين.

شغلت الكومبيوتر وحسبت عدد درجات السلم بين طابق المحررين وطابق المخرجين في مكاتب هذه الصحيفة، فوجدتها 26 درجة. يعني أن المحرر يضيف لعمره 52 ثانية بمجرد صعود السلم. ولما كان مبنى «الشرق الأوسط» يتكون من خمسة طوابق، فأي واحد منا يضيف لعمره 260 ثانية، أي أربع دقائق وعشرين ثانية بمجرد الصعود من الطابق الأرضي إلى الطابق الخامس. فرحت أكرر هذه العملية يوميا خمس مرات، أملا في إضافة 1300 ثانية لعمري كل يوم، أي 21 دقيقة و6 ثوان. وهذه الست ثوان مهمة جدا لمن ابتلي بالنسيان وهو أمام عزرائيل وفاتت عليه الشهادة. ست ثوان كافية تماما لنطق «أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله». وباستمراري في هذا التمرين الرياضي لمدة سنة، أكون قد أضفت لعمري 130 ساعة. وهذا شيء كثير وجدير لمن يحب الحياة ويخاف الموت مثلي. مضيت في هذا التمرين لشهرين، أركض صعودا ونزولا على سلالم «الشرق الأوسط» طمعا في المزيد من الحياة. ثم لاحظت أنني أخذت أعاني من آلام في رجلي. لم أعد قادرا على المشي لأكثر من مائتي متر دون أن أعاني من هذه الآلام. راجعت الأطباء فتبين أنني أصبت العمود الفقري بضرر كبير. وما فائدة القلب القوي لضعيف الفقرات الذي لا يجري وراء حسناء مبرقعة أكثر من مائة متر حتى يوقفه الألم وتكون هي قد وصلت بيتها في أجوير رود؟