بالشوكة والسكين

TT

في يوم صيفي قائظ وفي عز الظهيرة، دخلت على صديق عازب، في شقته المشرعة الأبواب دائما التي ليس عليها أي أقفال، كأي وكالة من غير بواب.

ووجدته مطروحا على الأرض كالبعير الأجرب وهو يغط في سبات عميق، ولفت نظري أنه قد وضع رأسه على الأرض بينما كانت قدماه الغليظتان على الوسادة أو المخدّة.

فما كان مني إلا أن أرفسه لكي أوقظه، وفعلا استيقظ، وسألته عن طريقته العجيبة هذه في النوم، فأكد لي أنه يتبع هذه الطريقة منذ عدة سنوات، بعد أن قرأ أن الفلاحين في أوروبا كانوا إلى أوائل القرن التاسع عشر يفعلون ذلك، وهم ينامون وأقدامهم، لا رؤوسهم، هي التي تكون على الوسائد، اعتقادا منهم أن الأقدام هي أكثر من الرؤوس معاناة في النهار، وهى التي أجدر منها بالراحة.

ولا أكذب عليكم أنني تأثرت جدا بمنطقه هذا، ولي الآن أكثر من أربعة أشهر وأنا لا أنام إلا على هذه الطريقة المنكوسة، وأصبحت أحلامي بعدها، يا سبحان الله، (وردية)، وفي البارحة تحديدا وقبل أن أكتب هذه الكلمات، رأيت في ما يرى النائم أنني تعشيت منفردا على مائدة ملكة جمال أميركا (ريما فقيه)، وكان رأسي برأسها في غرفة مضاءة بالشموع.. هي تعطيني بالشوكة لقمة، وأنا أعطيها بالشوكة والسكين لقمتين.

وإنني أنصح من أراد منكم أن يجرب هذه الطريقة، أن يكبر الوسادة.. فكلما كانت الوسادة عالية، كانت أحلامه أروع. أرجوكم لا تظنوا أنني أمزح، لا والله العظيم، جربوها (والمويه تكذّب الغطاس).

* * *

في معظم بلدان العالم، ومن بينها أميركا، يعاقب القانون أي شخص يقف عاريا في الطريق العام. وفي نيويورك، شاهد أحد رجال البوليس شابة حسناء عارية تماما كما ولدتها أمها أمام مبنى بنك كبير. وأمام الفتاة العارية وقف رجلان؛ أحدهما يحمل عدسة تصوير يلتقط بها صورا للفتاة وهي عارية، وسارع رجل البوليس بإلقاء القبض على الفتاة والرجلين.

وأحيل الثلاثة للمحاكمة بتهمة السلوك المعيب الذي يسيء إلى مشاعر الآخرين، ولكن المحامي الذي حضر للدفاع عنهم قال للمحكمة إن الثلاثة كانوا يصورون إعلانا للبنك الذي وقفوا أمامه لنشره في إحدى الصحف، ولكن القاضي لم يقبل هذا العذر. ولجأ المحامي إلى دفع قانوني؛ فقال إن تهمة السلوك المعيب لا تثبت إلا إذا ثبت أن هذا السلوك أدى فعلا إلى إساءة لمشاعر الآخرين.. وسأل المحامي: أين إذن هؤلاء الآخرون الذين استاءوا من هذا المنظر؟

ولم يجد ممثل الاتهام رجلا واحدا يشهد بأن هذا المنظر آذاه، واضطر القاضي وهو آسف إلى إطلاق سراح المتهمين.

الواقع أنني ما أن قرأت هذا الحكم حتى كدت أقول: «يحيا العدل»، غير أنني، والحمد لله، وفي آخر لحظة كبحت جماح نفسي.

[email protected]