صلاة (التراويح) في كنيسة

TT

من أشق الأمور وأبيخها على نفسي هو الخوض بالحديث والجدال على الانحدار الذي وصلت إليه سمعة المسلمين في مختلف أرجاء العالم، والإسلام والغالبية العظمى من المسلمين براء من هذه السمعة السيئة.

غير أن فئة صغيرة ضالة وجاهلة من شباب وكهول هذه الأمة هم الذين أسهموا في ذلك بغباء منقطع النظير.

فشعوب أوروبا وأميركا والعالم كله، لم يكونوا يضمرون كراهية للإسلام، بل إن أكثرهم لا يدرون ما هو الإسلام أصلا، حتى وإن علموا فهو لا يعني لهم شيئا لا خيرا ولا شرا، فهو في نظرهم مجرد عقيدة شخصية من ضمن عقائد هذا العالم التي يدين بها مليارات من البشر، وكل إنسان حر في معتقده، وحسابه أخيرا على الله.

وأنا من ضمن الآلاف المؤلفة الذين درسوا في الخارج، ولا أذكر أن هناك من اضطهدني يوما، أو حتى سألني عن ديني، أو حاول أن يقنعني بدينه.

إلى أن بدأ التطرف الإسلامي في الثمانينات، وتعاظم في التسعينات، واستشرى مع بدايات القرن الواحد والعشرين، ولا أدري متى سوف تنطفئ هذه النار الخبيثة التي اكتوى بلهيبها المسلمون قبل غيرهم؟!

ولكن مع الأسف فالابن الواحد الفاسد من ضمن عشرة أبناء صالحين، قد يفسد سمعة العائلة كلها بحماقاته، هذا بالنسبة للعائلة، فما بالكم بأمة بأكملها؟!

إنني أتكلم بهدوء، والله يعلم كم من مراجل الغليان تضطرم في أعماقي.

ولكي أضرب لكم مثلا بسيطا عن كيف كانت هي الحال قبل الثمانينات، إليكم ما كتبته إحدى المجلات الأوروبية في ذلك الحين وهي تقول: بالقرب من حديقة ريجنت العامة في لندن جامع جديد، تومض قبته النحاسية فوق رؤوس الشجر. وفوق شارع مزدحم في مدينة الميلو الهولندية تشرئب مئذنة في وجه السماء. وفي ميونيخ ومانشستر وكوبنهاغن وكوفنتري جوامع تعلن للقارة الأوروبية عودة الإسلام. حتى روما، مدينة الآثار الوثنية والكنائس المسيحية، سيقوم فيها جامع قريبا. وفضلا عن دلالتها على استمرار الحضور الإسلامي في أوروبا، تعكس هذه الجوامع روح التقارب بين المسيحية والإسلام.

وإليكم أيضا ما كتبه فهد عامر الأحمدي: اشترت مجموعة من المسلمين السوريين أرضا كبيرة لبناء مركز إسلامي بولاية تينيسي..

ومن غرائب الصدف أن تقع هذه الأرض أمام كنيسة ضخمة ومحترمة تدعى كنيسة «هارت سونغ».. ورغم أن كل جانب تفاجأ بالآخر فإن رعايا الكنيسة (الذين يشكلون 90% من سكان جرودوفا) اتفقوا على وضع لوحة كبيرة أمام كنيستهم كتبوا عليها (كنيسة هارت سونغ ترحب بجيراننا الجدد مركز ممفيس الإسلامي).. وحين دخل شهر رمضان قدموا لأعضاء المركز الإسلامي الورود والحلوى وأقاموا لهم حفلة شواء في حديقة الكنيسة.. ولأن أعمال البناء لم تنته بعد دعوهم لإقامة صلاة التراويح كل ليلة داخل الكنيسة - وهذا ما حصل فعلا طوال شهر رمضان (قبل أن تنتهي أعمال البناء مؤخرا تحت اسم مركز ممفيس الإسلامي)!!

وهذه حدثت حتى بعد الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) المشؤوم، أي ما يسمى (غزوة مانهاتن).

[email protected]