مبروك لقطر

TT

كان الإعلان الصادر من زيوريخ بسويسرا، المقر الرسمي لاتحاد الكرة الدولي المعروف باسم «الفيفا»، الذي أبلغ العالم عن خياريه لاستضافة بطولتي كأس العالم لعامي 2018 و2022 لكل من روسيا وقطر، قد أحدث مفاجأة من النوع الثقيل جدا، سارة للبعض وصادمة للبعض الآخر. فالخيار كان ضد القوى العالمية المتخصصة في استضافة المناسبات الرياضية من الوزن الثقيل جدا، دول مثل إنجلترا والولايات المتحدة الأميركية وأستراليا واليابان وكوريا وهولندا وبلجيكا وإسبانيا والبرتغال. كثير من هذه الدول، بل أغلبها، استضافت من قبل بطولات كأس العالم (باستثناء البرتغال وبلجيكا وهولندا وأستراليا) ولذلك كان حرص «الفيفا» على أن تنال فرصةَ الاستضافة دولٌ جديدة من العالم، وهو الوعد الذي قطعه على نفسه سيب بلاتر منذ وصوله للرئاسة بأن يكون للدورة حضور مستمر في العالم الجديد، فأوصلها لآسيا للمرة الأولى حينما استضافتها اليابان وكوريا سويا، وكان لأوروبا الحظ حينما استضافتها قلب أوروبا (ألمانيا الموحدة) وطبعا وصلت للقارة الأفريقية أول مرة هذه السنة حينما استضافت البطولة جنوب أفريقيا بنجاح.

والآن تذهب البطولة لأول مرة لروسيا الجديدة المنتعشة الواثقة العائدة المنتشية، وكذلك تذهب بعدها لقطر، إحدى قصص النجاح لحالة العرب الجدد، دول الخليج التي حولت مالها إلى فرص اقتصادية لتطوير نفسها في البنى التحتية والخدمات والصحة والتعليم والاستثمار. قطر تضع اسمها بالقوة على خارطة العالم وتنجح في الحصول على أم الجوائز في عوالم الاستضافات.

كأس العالم هي الجائزة وهي الكعكة الاستثمارية الموعودة، ولكن الموضوع أكبر من ذلك؛ فاليوم بعد أن كانت لدبي وحدها «العلامة الأكثر جاذبية» في منطقة الشرق الأوسط الجديد يدخل عليها الخط اليوم، بقوة، كل من أبوظبي وقطر، إلا أن قطر تمكنت من رفع السقف، بقوة، بإنجازها الكبير هذا.

البحرين كانت لها حصة المفاجأة تحت الأضواء عندما حصلت على حق استضافة سباق الغراند بري للسيارات لأول مرة بالشرق الأوسط (ولحقتها بعدها بسنوات عدة أبوظبي) ومنذ أسابيع افتتحت في أبوظبي أول حلقة ترفيهية كبرى باسم شركة «فيراري» للسيارات الرياضية. الكل يحاول الحصول على حق الامتياز والتميز في عوالم الرياضة والمال، ولكن تبقى الضربة القطرية هي الأكبر والأكثر تميزا. «الماركة القطرية»، والسمعة المصاحبة لها، آخذة في التطور والإيجابية، بدأت مع محطة الجزيرة الفضائية وبعدها تنوعت مع الجامعات والمؤسسات التعليمية التي جلبت لقطر، وأضيف إليها الحركة الثقافية من متاحف وندوات، وساعد «الماركة القطرية» التألق التصاعدي لشركة الطيران الوطنية هناك، التي تحصد الجوائز العالمية تباعا، إلى أن جاءت الاستثمارات العالمية مثل شراء حصة كبيرة في بنك باركليز ومجموعة «سانزبري» للتجزئة وطبعا متجرها رودز «اللندني» الشهير. «الفيفا» أخذ خطوات جريئة في توسيع قاعدة الاستفادة من فرص الاستضافة والترفيه والاستفادة لكل مناطق العالم.

والملف القطري المقدم كان مبهرا ومعدا بشكل دقيق ومحترف تمت الإجابة فيه وبدقة عن كل نقاط الاهتمام والضعف مثل الطقس وتوزيع الملاعب وملاءمة البيئة، لدرجة أن قطر «ستفكك» 80% من ملاعب البطولة بعد انقضائها وتتبرع بها للدول الناشئة والمحتاجة في خطوة غير مسبوقة. «الفيفا» يستحق التحية والتقدير على خطوته الجريئة لمنح البطولة لمناطق جديدة والتفكير بشكل توافقي يراعي مصالح الكل، وهو ما أغضب دولا مثل إنجلترا وأميركا وهولندا وإسبانيا وأستراليا، التي تعتقد أنه يجب أن يكون لديها موقع أو مكان خاص مختلف عن بقية العالم!

الإنجاز القطري هو تحقيق لفكرة «احلم ولا تخشَ من أحلامك؛ لأنها يمكن أن تتحقق» والنشوة القطرية يمكن ترجمتها في طرفة سمعتها من صديق وهو يقول: «إذا سألوك: أين تقع دبي؟ أجبهم بالقول: إنها بجوار قطر!» مبروك لقطر.

[email protected]