المرأة كمصدر للطاقة

TT

تعرضت أوروبا مؤخرا لموجة قاسية من البرد. وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة تجري سنويا منذ ملايين السنين، فإن ساستهم لا ينفكون عن مناقشة أمرها واتهام بعضهم البعض بالتقصير بشأنها، تماما مثل ما يحصل عندنا بالنسبة للفساد. بيد أن هذه المناقشات لا تقتصر على الساسة، نحن أيضا كأفراد نخوض فيها ونتبادل الآراء. لفت نظري صديقي الأستاذ محسن اللافي إلى المرأة، علما بأنني لا أحتاج لأي أستاذ ليلفت نظري إليها أينما كانت. ولكنه أفاض فقال: إنها تعطي أحسن مصدر حراري من دون أي تكلفة. فبدلا من استعمال بطانية كهربائية أو قنينة ماء حار لتدفئة الفراش في الليالي القارسة، تكون الزوجة التي تأوي للفراش أولا قد دفأته بحرارة جسمها، بينما يأتي الزوج السهران على متابعة هذيان الفضائيات العربية فيما بعد وهو يختض ويرتجف من البرد ومما سمعه من بعض ساستنا فيجد فراشه دافئا ناعما ويقضي الليل دافئا. إنها أرخص وسيلة لثماني ساعات من التدفئة المجانية.

تأملت في الموضوع، ولكنني كعراقي لم أتمالك غير أن أعترض: لا يا دكتور. الحقيقة أن لهذا المصدر الحراري أيضا تكلفته؛ فكما يقتضي عليك أن تغذي الموقد بالخشب والحطب أو الغاز أو الفحم، وكلها هيدروكربونات، لتدفئ الغرفة، عليك أن تغذي المرأة بالطعام فتضع في معدتها ما يكفي أيضا من الهيدروكربونات لتدفئ لك الفراش. ومعدة المرأة ليست كموقد البيت لتحرق فيه أي حطب أو زبالة تجدها حول البيت. في هذه الأيام تريد منك لحم عجل وسمك سلمون وكافيار من روسيا وكريمة من فرنسا. وهذه يا أبو هيفاء غالية الثمن وترفع تكلفة التدفئة لدرجة خيالية تبلغ أضعاف تكلفة البطانية الكهربائية.

من الواضح أن ما يحصل عليه المرء من امرأته من حرارة يتوقف على مقدار جسمها، وهو ما يشابه المدفئة الكهربائية أو الغازية. تحصل على حرارة أكثر من المدفئة الأكبر. وعليه فالمرأة الأسمن تعطي حرارة أكثر من المرأة النحيفة. ولكن هذا يجرنا مرة أخرى إلى موضوع التكلفة. فكيف سمنت هذه المرأة واكتسبت هذا الجسم المتسع المشع بالحرارة؟ بالطبع من كثرة الأكل، الزبد والقشدة والمربى والسكاكر والمكسرات من لوز وجوز بالتمر وفستق معسل. تجد أن من المعتاد لمثل هذه المرأة أن تكون لها بطن كبير، وهو ما يعني معدة كبيرة كافية لحرق كميات كبيرة من هذه الهيدروكربونات لتمد الفراش واللحاف والوسائد والبطانيات بكل هذه الحرارة الفائقة.

قلت وأضفت أن الاعتماد على المرأة في تدفئة الفراش وسيلة لا تخلو من مصاعب؛ فبالإمكان تعديل درجة الحرارة بتحريك مؤشر المعدات الكهربائية للحصول على المستوى المناسب. ولكن كيف يمكن ذلك بالنسبة للمرأة السمينة؟

اتفق الدكتور اللافي معي في الكثير من هذا، وقال: هذا موضوع يتطلب دراسة كافية لعامل التكلفة. هل الأجدى اقتصاديا شراء بطانية كهربائية قوة 2000 واط أم الزواج بواحدة سمينة وزن 150 كيلو؟