أبوظبي.. ناجحة قبل أن تبدأ

TT

ستكون قمة مجلس التعاون الخليجي في العاصمة الإماراتية أبوظبي قمة مختلفة لشعوب المنطقة، وجيرانها، أكثر من أي قمة سابقة، وحتى قبل معرفة جدول أعمال قمة الزعماء الخليجيين، أو معرفة فحوى البيان الختامي، وأيا كان محتواه.

فمثلما قلنا في مقال سابق بأن العالم اليوم يعيش عصر ما بعد تسريب وثائق «ويكيليكس» الأميركية، فإن أبناء المنطقة، وجيرانها، باتوا مطمئنين أكثر من أي وقت مضى إلى أن القيادات الخليجية متفقة في رؤيتها تجاه الخطر الإيراني، وتحديدا الملف النووي.

وبالتالي، فأيا كانت القرارات التي ستصدر عن الزعماء الخليجيين، وبشكل دبلوماسي منمق، كالعادة، فإن الجديد اليوم أن المتابع، وبالطبع أبناء المنطقة، باتوا يعلمون أن قياداتهم تملك رؤية متشابهة حول التحديات التي تواجه دول الخليج العربي، وأهمها وأخطرها الملف النووي الإيراني.

فالوثائق الأميركية كشفت لنا أن الرؤية الخليجية تجاه خطر الملف النووي الإيراني جدية، وعلى عكس بعض التصريحات الدبلوماسية التي لا تقول الكثير حيال الملف النووي الإيراني وخطورته، مما يشكك أبناء المنطقة، ويزيد قلقهم على مستقبلهم، ومستقبل أبنائهم.

اليوم الوضع مختلف تماما، وهذا أهم سبب لنجاح القمة وقبل أن تلتئم؛ فأبناء المنطقة على علم وثقة، برؤية قياداتهم، كما أن الإيرانيين سيتذكرون جيدا أن هذا المجلس المستمر منذ تأسيسه، ورغم كل التباينات في وجهات النظر بين مسؤوليه، إلا أنه يجتمع اليوم، أي المجلس، ليستكمل رسالة الأمس، وليرسل رسالة واضحة ومهمة مفادها: إننا ما زلنا نتذكر لماذا اجتمعنا منذ أول مجلس، وما زلنا متماسكين.

فمجلس التعاون الخليجي لا يزال إحدى أهم التجارب العربية في المنطقة، بوحدته، وتماسكه. صحيح أن أبناء المجلس سبقوا زعماءهم في تقدير قيمة المجلس وأهميته بالنسبة لهم، لكن الزعماء الخليجيين يعون ويعرفون أن مجلس التعاون الخليجي مظلة مهمة للمنطقة، دون مبالغة في القرارات، أو تسرع، ومن دون شعارات زائفة، في البيانات.

وعليه، فإن اجتماع القادة الخليجيين اليوم في أبوظبي ما هو إلا رسالة تطمين لأبناء المنطقة، ورسالة تذكير لإيران وغيرها بأن دول المجلس لن تقبل المساس بأمنها ومصالحها، وشاهدُنا في ذلك هو ما كشفته الوثائق المسربة عن تقارب ووضوح الرؤية بين دول المجلس حول خطورة الملف النووي الإيراني على المنطقة برمتها، وهذا ما يجعلها قمة ناجحة وقبل أن تبدأ.

[email protected]