ملتقى.. وأفكار

TT

منذ أيام قليلة انعقد بنجاح لافت منتدى السيدة خديجة بنت خويلد، في مدينة جدة، برعاية الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز، الذي نظم من قبل الغرفة التجارية، ونوقشت فيه مشاركة المرأة في التنمية وأسباب المعوقات الموجودة، وتم الحديث عن كثير من النقاط الإدارية والاجتماعية والتنظيمية والشرعية.

وكان هناك سرد وعرض لكثير من النقاط والتجارب الجديرة بالبحث، وكلها جرت في جو ناجح ومحترم ومثالي وراق وباعث للفخر عن قدرة المرأة السعودية على تنظيم ملتقى جدير ببحث ملفاتها وهواجسها بشكل حضاري. ومن ضمن المحاور التي تمت مناقشتها بالمنتدى كانت القواعد الفقهية لمشاركة المرأة في العمل، وكانت هناك مداخلة مهمة جدا ولافتة للغاية للمفكر الإسلامي السعودي الشيخ عبد الله فدعق، تتعلق بأهمية وضرورة تقنين مسائل الأحوال الشخصية، وأعطى المثل على ذلك بحقوق ما بعد الطلاق وحضانة الأطفال؛ لأنه من غير المعقول تصور أن تعيش المرأة مع زوجها دون أي استقرار لها بكرامة بعد ذلك. ويتبنى الداعية نفسه موقفا لافتا من موضوع الخلع وأهمية إيجاد قانون وتشريع له يتم على أساسه تغيير اسم الخلع والاستعاضة عنه بالنص القرآني وهو «الافتداء» أو بالنص من الحديث وهو «الفسخ»، لأن الفسخ لا يعتبر من التطليقات الثلاث التي توجب التحريم بعدها حتى تنكح زوجا غيره، فإذا فُسخ عقده منها بأحد العيوب ثم تزوجها وطلقها فإنها تعتبر تطليقة أولى دون حساب للفسخ، وهو رأي الشافعية والحنابلة والجعفرية، أما الأحناف والمالكية فاعتبروه طلاقا بائنا يحسب من الطلقات الثلاث.

والشيخ فدعق يعتقد أنه بهذا التشريع ستحصل المرأة على التفريق دون أن تخسر حقوقها، بينما تخسر بالخلع. وهو يؤكد أن هذا الحل «أنسب» من الخلع، وفيه حماية لحقوق المرأة والأسرة، وفي صالحها العام. وبالتالي فإن تنظيم وإدراج مسائل التفريق بين المتزوجين تحت قانون الفسخ له آثاره الإيجابية الكبيرة، ولعل أهمها وأخطرها عدم الأخذ بعدد الطلقات، ويبقى الباب مفتوحا أمام الزوجين المختلفين إن رغبا في إعادة الحياة الزوجية بينهما بالحلال والطرق الشرعية متى ما استقرت النفوس وصفيت؛ حيث ان عددا غير قليل من الناس يعيش سفاحا مع أزواجه لأنه بعد الخلع والطلقات الثلاث لا رجوع إلا بالطرق المعروفة شرعا؛ وهي الزواج من آخر.

في مجتمع باتت فيه ظاهرة الطلاق الكبيرة تشكل حالة اجتماعية هائلة لا بد من التفكير بشكل خلاق للتعامل مع المشكلة، وهذه نوعية من التفكير الخلاق موجودة وسط الشريعة السمحة التي إذا ما تم التعامل معها بسعة ورحابة صدر، بدلا من تضييق واسع وسد الذرائع، سيكون هناك حل لكل معضلة. وأعتقد أن اقتراح الشيخ عبد الله فدعق جدير بالبحث والتوسع في تنظيمه؛ لأنه يقدم خيارا حيويا وجوهريا وشرعيا للتعامل مع مشكلة الخلافات الزوجية، ويقدم «حلا» آخر غير الطلاق والخلع للتعامل مع هذه المشكلة العويصة.

منتدى خديجة بنت خويلد نجح في مناقشة قضايا المرأة السعودية بشكل حضاري، وقدم أنموذجا جيدا ومحترما للطرح المسؤول، فتحية للأميرة عادلة بنت عبد الله على رعايتها ورؤيتها، وتحية للسيدة مها فتيحي لحسن إدارتها لهذه المناسبة، وتحية لرجل الأعمال الكبير صالح كامل على تشجيعه ومؤازرته للغرفة التجارية في دعم ملتقيات بناءة من هذا النوع.

[email protected]