جوليان شيخ محمد

TT

يقول المثل: «حجر يرميه مجنون يرهق مائة عاقل»، هذا هو حال العالم اليوم بعد نشر الوثائق الأميركية على موقع «ويكيليكس». والمفترض أن يكون اسم مؤسس «ويكيليكس» هو (جوليان شيخ محمد)، وليس جوليان أسانج، فأفعاله تجعله شقيقا لخالد شيخ محمد منظّر تنظيم القاعدة، وصاحب خطة استهداف برجي التجارة في أحداث 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية في نيويورك.

فمن ضمن الوثائق التي تم نشرها مؤخرا في موقع «ويكيليكس» وثيقة تشمل قائمة المواقع الحساسة التي تخشى أميركا أن تكون مستهدفة من قبل «القاعدة»، وهي ليست مواقع داخل أميركا وحدها، بل وفي جميع دول العالم، وهي مواقع حيوية، وخطرة جدا، وقد تكون «القاعدة» في غفلة عنها، وبالتالي فإن كل ما فعله هذا الرجل، (جوليان شيخ محمد) هو قيامه بتقديم قائمة تبضع مجانية لإرهابيي «القاعدة» حول العالم. وإذا لم يكن هذا الأمر وحده مبررا لمحاكمته فما الذي تبقى؟

أزمة وثائق «ويكيليكس» أزمة متفاعلة ولن تنتهي اليوم، وتستحق كثيرا من التحليل، والدراسة، والتعليق الصحافي، كما أنها تستدعي جدية النظر في محاكمة هذا الرجل الذي قرر أن يعاقب صحيفة الـ«نيويورك تايمز» الأميركية بإقصائها من قائمة الصحف التي منحها حق نشر وثائقه بسبب عدم تحمله لجملة تنتقده في بروفايل، أو سرد شخصي، كتبته عنه الصحيفة بينما يريد هو الإضرار بالعالم كله باسم الحرية. فكيف لمن لا يتحمل جملة، أو قصة، تنتقده في صحيفة أن يدعي أنه يسعى لنشر الحقيقة في العالم؟ فالحقيقة الوحيدة اليوم أن هذا الرجل قد سدد ضربة عنيفة للعمل السياسي، والدبلوماسي، والأمني، دوليا.

فهذا الرجل، (جوليان شيخ محمد)، مهد الأرضية المناسبة لكل أزمة حول العالم، حيث سدد ضربة للدبلوماسية الدولية، وأعرافها، وهز أرضية التعاون المشترك بين الدول لمكافحة الإرهاب، وعرّض حياة الداعين لحقوق الإنسان، لخطر حقيقي. كما أنه عمق كثيرا من الأزمات بين الدول، صحيح أن بعض ما نشره يساعدنا على رؤية عالم السياسة بشكل أوضح، لكن العاقل يعي بأن «ما كل ما يعلم يقال»، وإلا أصبح المرء مجنونا، حيث لا يقدر عواقب الأمور.

ومع كل وثيقة تنشر يتيقن المرء أن هذا الرجل يستحق المحاكمة، وليس النظر إليه على أنه داع للحرية، فالحرية مسؤولية، فإذا ما قيل بأن كثيرا مما نشر يندرج في خدمة الصالح العام، فكيف يمكن الدفاع عن نشر معلومات أمنية حساسة تساعد «القاعدة»، مثل نشر قائمة المناطق الأكثر خطورة، حيث من شأن ذلك أن يعرض الآمنين للخطر، كما يعرض أمن واستقرار دول عدة للخطر كذلك، فكيف يمكن تقبل نشر المصانع الخاصة بالأدوية، مثلا، والتي يمكن استهدافها؟

السؤال الذي بات يتبادر للذهن اليوم هو: هل لهذا الرجل أي تاريخ سابق مع أميركا ويريد الانتقام فقط على طريقة الأفلام الاستخباراتية، خصوصا أنه قرصان سابق على الإنترنت؟ سؤال لا نملك له إجابة، لكن الأكيد هو أن هذا الرجل قد عرّض حياة الكثير من الأبرياء، ناهيك عن الدول، للخطر الشديد، ولذا فهو يستحق المحاكمة.

[email protected]