كبارنا ماذا يأكلون؟!

TT

أستاذنا عباس العقاد كان يعيش على الطعام المسلوق، والسبب: اضطرابات في المعدة والمصران العصبي الغليظ.. ولم يجد لها علاجا. ولأن الأستاذ العقاد رجل عنيد، وفي الوقت نفسه يريد أن يجرب ليعرف أكثر، فكان يتناول طعاما فظيعا: فسيخ وبصل أخضر وبصارة، مرة واحدة في الأسبوع أو كل أسبوعين، ليمتحن قدرة معدته والمصران الغليظ على احتمال هذه الممنوعات.

وكان أستاذنا الفيلسوف عبد الرحمن بدوي يطلب مني أن نمشي من كلية الآداب إلى مطعم في حي السيدة زينب.. المشوار طويل.. ويرى أن هذا المشي تنشيط لكل وظائف الجهاز الهضمي. وفي المطعم يطلب شوربة بالشطة والفتة والزبادي والسمن واللحم المسلوق والمخللات. أما هو فيأكل كل ذلك وزيادة. والزيادة هي الأرز باللبن والسكر والزبيب. ونعود سيرا على الأقدام من السيدة زينب إلى بيته في الجيزة! المشوار الأول لتنشيط المعدة والمشوار الثاني ليساعدها على الهضم!

وعرفنا أن أستاذنا الأعظم سقراط كان قوي البنية متين العظام يرتدي جلبابا على اللحم حافي القدمين عاري الصدر ويأكل بيديه الاثنتين معا: اللحم المسلوق.. والكثير من الفاكهة. يأكلها واقفا.

وكان الموسيقار محمد عبد الوهاب يأكل الطعام المسلوق والدجاج المسلوق ويحب أن يمصمص العظام ويكون لذلك صوت، ولو رآه الذين يحبون صوته ما سمعوه؛ فشكله مخيف.

أما سيدة الغناء أم كلثوم فهي ريفية، وهي حريصة جدا على سلامة حنجرتها؛ لذلك كانت لا تدخن ولا تأكل الأيس كريم.. وإنما تأكل وهي جالسة على الأرض مرة واحدة في الأسبوع ما تبقى من الزبد بعد تحويله إلى سمن.. ولها اسم في مصر ولا أعرف إن كان معروفا في أي بلد عربي.. اسمها (المورته) تأكلها بالخبز.. وهي شديدة الملوحة وترى أن يوم المورته أمتع أيام الأسبوع، وتدعو له أعز صديقاتها ويجلسن على الأرض بقمصان النوم.. وهات يا مورته!

أما المستحيل فهو طعام الفيلسوف الإسباني جورج سانتيانا. ومن أهم ما ورثه الفيلسوف عن أبيه: شوربة الثوم. جربناها وجدناها سيئة جدا لا تطاق.. ولكن الفيلسوف سانتيانا يقول فيها شعرا له وزن وقافية! عجبي!