الخيار الأخير لعلاوي و«العراقية»

TT

هدد الدكتور إياد علاوي بالانسحاب من الحكومة العراقية والانتقال إلى المعارضة السلمية في مجلس النواب العراقي، في حال عدم تمتع ائتلافه «العراقية» بشراكة حقيقية في تقاسم السلطة، أو عدم إعطاء صلاحيات تنفيذية لمجلس السياسات الاستراتيجية العليا الذي أسند إليه. ولقد كان حريا به قبل إطلاق تهديده الذي لن يؤخذ على محمل من الجد طبعا، لما عرف عن تهديدات سابقة من تراجع وتنازل. أن يعلم، أن تقاسم السلطة والمجلس المذكور كسلطة موازية للسلطات التقليدية المتعارف عليها، التنفيذية والتشريعية والقضائية، أثبتت التجارب خطأ الأول ومخالفة الثاني للعقل والمنطق. فتقسيم السلطة بين عدد من الأطراف فاشل، بل حتى بين طرفين حتى وإن كانا متجانسين ومتطابقين في الرؤى ويلتقيان في أكثر من قاسم مشترك، ورأينا في التجربة الكردية كيف أدى تقاسم السلطة مناصفة بين شريكي الحكم، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، والمسمى في حينه بـ«الفيفتي فيفتي»، إلى صدام مسلح استغرق 4 سنوات قتل خلالها من الطرفين ما يقارب 3 آلاف شخص. ناهيكم عن مآس أخرى، وما زالت آثار تلك التجربة رغم مرور 12 سنة على حل الخلاف بينهما باقية إلى اليوم في بعض من مفاصل الحكم في كردستان العراق. على الرغم من التفاهم والانسجام القويين بين الحزبين. فكيف يتوقع أن يكتب النجاح لسلطة يتقاسمها أكثر من طرف؟.

أما مجلس السياسات الذي يريد به ائتلافه أن يكون بمثابة سلطة رابعة جنبا إلى جنب السلطات التي أشرنا إليها. فإني أضيف إلى ما ذكرت بصدده قول الكاتب أحمد يوسف أحمد في صحيفة «الاتحاد» الإماراتية بشأنه ونصه، أن «المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية العليا جسم غريب على أي نظام برلماني وطبيعة غير مفهومة إلى الآن».

نعم، إنه جسم غريب في الحياة السياسية، لن يعمر طويلا الأمر الذي يلح على مراجعته وحله قبل أن يزيد من المشهد السياسي تعقيدا أكثر، للسبب الذي أوردناه، إلغاؤه وحله حتى وإن حظي بموافقة الطرف المقابل والأكبر التحالف الوطني الشيعي وحليفه الكردستاني كذلك.

والذي يبعث على الاستغراب في تهديده بالانتقال إلى معارضة برلمانية، أنه لا يسلم إلى الآن، بأن السنة العراقيين العرب، وأقول، العرب لأن هنالك مكونا سنيا اجتماعيا كبيرا ألا وهو المكون الكردي. سيظلون في الحكومة شركاء غير متكافئين، وفي خارجها، أي المعارضة البرلمانية. فإنهم سيبقون إلى الأبد في المعارضة لا يغادرونها إذ هيهات عودة السنة إلى الحكم في العراق، في ظروف الاصطفاف الطائفي والإثني الحاد، فائتلاف «العراقية» السني لا يواجه حزبا أو ائتلافا معينا، بقدر ما يواجه طائفة مذهبية شيعية ضخمة وحركة قومية كردية تضاهي السنة قوة، إذا لم نقل تفوقها. إن د. علاوي في مواجهة أمرين أحدهما أمر من الثاني، إما القبول بشراكة غير متكافئة في الحكومة، أو البقاء دوما في المعارضة، وبين الأمرين يكون كفاحه عبثيا لا طائل من ورائه. ولم يبق أمامه في المحصلة سوى سلوك الطريق الذي اختاره الكرد وحققوا بواسطته نجاحا متواضعا در بالربح ليس عليهم فقط بل على العراقيين كافة، وهو طريق الفيدرالية والذي يناسب السنة السير فيه وصولا إلى نظام فيدرالي لإقليمهم الذي أصطلح على تسميته بالمثلث السني، وهو ما نصح به وفيق السامرائي في مقال له، نشره في «الشرق الأوسط» اللندنية، «العراقية» بالاستفادة من التجربة الكردية، مضيفا أن ضمان الحقوق والهوية متاحة في ملفات الكرد على حد قوله.

واختتم مقالي هذا بإيراد تعليق من مثقف عراقي مقيم في الولايات المتحدة نشر بتاريخ 7/12/2010 وفي الصفحة عينها، توقع بقاء السنة مواطنين من الدرجة الثالثة بعد الشيعة والكرد، وأن تجاوز ذلك يكمن في الإعلان عن فيدرالية الوسط، للحفاظ على تقديم الخدمات على اختلافها وجر الاستثمارات العربية إلى مناطقهم «أسوة بما حصل للإقليم الكردي» كما قال.

* كاتب كردي عراقي

ورئيس تحرير جريدة «راية الموصل»