وهذا هو النصف الثاني للحقيقة!

TT

من أمتع الكتب المسلية كتاب أشرت إليه أكثر من مرة. الكتاب اسمه «ألف سنة أغضبت الفرنسيين» تأليف ستيفن كلارك. والمؤلف رجل ظريف. وهو يتسقط الأحداث التاريخية التي انهزم فيها الفرنسيون أمام الإنجليز.. أو سقطوا وحدهم.. وهو يعلم مقدما أن الفرنسيين يكرهون الإنجليز وسوف يبقون كذلك. وفي صدارة الكتاب هذه العبارة: يكرهنا الفرنسيون وسوف يكرهوننا أبدا!

ونعلم مقدما أن المؤلف سوف يجد فجوة يوسعها لكي يجد وراءها إنجليزيا يضحك على خيبة الفرنسيين وفشلهم، أي أنه يروي حكاية ويروي ما وراءها أيضا.

ومن المؤكد أنها سوف تغيظ الفرنسيين، وأضرب لذلك مثلا: فهو يقول إن بريطانيا بقيادة السيدة مارغريت ثاتشر أرسلت قواتها إلى جزر فوكلاند لتدافع عنها ضد الأرجنتين التي يرون أنها جزر مغتصبة، وأن الأرجنتين أرسلت قواتها تسترد الجزر، فما كان من الإنجليز إلا أن أرسلوا أساطيلهم.. ودخلت بريطانيا هذه الحرب وخرجت منها منتصرة من دون أن يدري بها أحد.. فلم تحمل القوات معها مندوبين عن الإذاعة أو الصحافة أو التلفزيون. وأغرقت الصواريخ الفرنسية الصنع قطعتين من الأسطول البريطاني.. وهذه حقيقة ولكن..

ولكن استكمالا لهذه الحقيقة فإن مساعدة الرئيس الأميركي ريغان بسفن فضائية عرَّفت بريطانيا عدد قوات الأرجنتين ومواقعها. وشيء آخر لا يعلمه مؤلف الكتاب، هو أن السيدة مارغريت ثاتشر ذهبت سرا إلى عدوها التقليدي الرئيس ميتران وطلبت أن يساعدها ضد الصواريخ الفرنسية التي تسلح بها أسطول الأرجنتين، واسمها (الأسماك الطائرة) التي أغرقت قطعتين من الأسطول البريطاني. فطلبت أن يعطيها الشفرة التي تنطلق بها الصواريخ طائرة على وجه الماء.. فأعطاها.. فكان الإنجليز يضللون الصواريخ بعيدا عن الأسطول، وبذلك انتصرت بريطانيا بفضل فرنسا - وهذه تكملة نصف الحقيقة التي ذكرها المؤلف!