صعب: إضحاك الناس!

TT

سهل جدا أن أجعلك تصرخ أو تبكي.. يكفي شكة إبرة. ولكن من الصعب أن أجعلك تضحك. فالضحك فن أو فنون.. هناك الضحك المفاجئ كأن يتعثر إنسان فيقع على الأرض.. أو يتلاعب بالألفاظ.. ولكن الصعب هو خلق المواقف التي يتفجر منها الضحك في المسرحيات والأفلام والقصص.

وقد مارست فن الإضحاك وكتبت عشرين مسرحية أشهرها: حلمك يا شيخ علام.. مين قتل مين.. الكلام لك يا جارة.. وسلطان زمانه.. وغيرها. كما أنني كتبت للتلفزيون عشرين مسلسلا.. وأضعاف هذا العدد للمحطات الإذاعية..

وعندي مسرحية أقلب فيها من عشر سنوات.. كأنها واحد غارق في النوم فلا يصحو.. أو مغمى عليه.. وأحيانا أشعر أن المسرحية قد ماتت وأنه لا أمل في أن تكون مضحكة.. وقد أعطيت هذه المسرحية لكبار المخرجين. فأعجبتهم ولكن.. لا بد من (دغدغة) النص.. أي لا بد من تحريك النص ليضحك هو ويضحك الناس أيضا. والمشكلة ليست دغدغة النص وإنما دغدغة المؤلف.. لقد كانت مسرحياتي السابقة مضحكة لدرجة أن الكثيرين تساءلوا إن كنت أتعاطى الحشيش وإلا من أين آتي بهذه المسخرة. وأنا لا أدخن ولا أتعاطى أي شيء.. ولا أفتعل الضحك وإنما يتولد الضحك من المواقف ومن احتكاك الشخصيات.

وأخيرا قدمت المسرحية باسم مؤلف آخر. فقبلوها وظهرت في التلفزيون. وسألت: ولكن لماذا رفضتم النص إذا كان باسمي، وقبلتموه إذا كان باسم واحد آخر. والجواب جاهز: إننا نتوقع منك ما لا نتوقعه من أي مؤلف مبتدئ. ورفضت أن أتقاضى أجرا على هذه الأكذوبة!

يعني إيه. يعني يجب أن أموت من الضحك لكي تعيش هذه المسرحية ولكي يموت المتفرجون من الضحك.. وكنت أتفرج على مسرحياتي في يوم الافتتاح، وهو أسوأ الأيام لأن الممثلين لم يستعدوا تماما ولا عرفوا رد فعل الجمهور.. ثم أتفرج عليها في آخر يوم. وهذا ما يغضبني جدا. ويجعلني أتردد في تأليف الكوميديا، فقد تغيرت المسرحية وأضاف إليها الممثلون من عندهم الشيء الكثير حتى أصبحت عملا جماعيا.. مضحكة جدا جدا. ولكنها ليست من تأليفي إنها من (توليف) الفنانين والجمهور معا!