أوقفوا هذه الاستعارات

TT

بغض النظر عما إذا كان يروق لي هذا الأمر - وهو تساؤل لا أزال أجهل إجابته - من المحتمل أن يمر اتفاق خفض الضرائب الذي أبرم بين أوباما ومكونيل، بما يحمله من عناصر شديدة السلبية وأخرى جيدة، إلى حد ما، عبر الكونغرس. وماذا بعد؟

المؤكد أن هذا الاتفاق سيمنح الاقتصاد دفعة قصيرة الأمد. في حدود علمي، تتمثل وجهة النظر السائدة - بما في ذلك داخل إدارة أوباما - في أن كل ما نحتاجه هو دفعة على المدى القصير. ويخبرنا مسؤولون أنه بمجرد توجيهنا دفعة لعجلة الاقتصاد، فإن هذا من شأنه منح وقت كاف لخطوات الاقتصاد الهشة كي تزداد قوتها.

وأنا من جانبي أقول: أوقفوا هذه الاستعارات. إن الاقتصاد الأميركي ليس سيارة متعطلة، ولا مريضا ستتحسن عافيته سريعا حال حصوله على قسط أكبر من الراحة. في الحقيقة مشكلاتنا أطول أمدا مما توحي به هاتان الاستعارتان. وبطبيعة الحال تؤدي الاستعارات السيئة إلى سياسات سيئة، ذلك أن فكرة أن المحرك الاقتصادي ستتسارع حركته، أو أن المريض سيتعافى من مرضه، تشجع الآن صانعي السياسة على الرضا بإجراءات غير متقنة قصيرة الأمد في وقت يحتاج فيه الاقتصاد فعليا لدعم مستديم مخطط له بعناية.

وتكمن جذور مشكلاتنا الراهنة في الديون التي تكدست على عاتق الأسر الأميركية خلال فقاعة الإسكان التي تكونت في عهد إدارة بوش. منذ عشرين عاما ماضية، بلغ متوسط ديون الأسرة الأميركية 83% من دخلها. ومنذ عقد مضى، زحفت هذه النسبة لتصل إلى 92%. إلا أنه بحلول أواخر عام 2007، وصلت الديون إلى 130% من الدخل.

وجرت جميع عمليات الاقتراض تلك لأن المصارف تخلت عن جميع سياسات الإقراض الصحيحة ولأن الجميع افترض أن أسعار المنازل لن تنخفض قط. وبعد ذلك، انفجرت الفقاعة.

ومنذ ذلك الحين، ظللنا نتعامل مع عملية مؤلمة من «إنهاء الرفع»، وأصبح الأميركيون الذين يعانون من ديون ثقيلة ليسوا عاجزين فحسب عن الإنفاق بالمعدلات التي اعتادوها، وإنما باتوا أيضا مضطرين لتسديد الديون التي تراكمت عليهم خلال سنوات الفقاعة. ولم يكن لتوجد مشكلة بهذا الأمر لو أن آخرين سيتدخلون لتحقيق توازن، لكن ما يحدث بالفعل هو أن البعض ينفقون أقل بكثير بينما لا يوجد أحد ينفق أكثر بكثير - وقد تمت ترجمة ذلك إلى اقتصاد كاسد وبطالة مرتفعة.

ما ينبغي على الحكومة فعله في هذا الموقف هو مزيد من الإنفاق في الوقت الذي ينفق فيه القطاع الخاص أقل، ودعم التوظيف في وقت يجري خلاله تسديد الديون. وهناك حاجة لجعل هذا الإنفاق الحكومي مستداما. ونحن لا نتحدث هنا عن ارتفاع مفاجئ في المساعدات، وإنما نتحدث عن إنفاق يدوم لفترة كافية لأن تستعيد الأسر سيطرتها على ديونها. إن مبلغ التحفيز الاقتصادي الأصلي الذي أقره أوباما لم يكن شديد الضآلة فحسب، وإنما أيضا قصير الأجل على نحو مفرط، مع تلاشي الكثير من تأثيراته الإيجابية بالفعل.

ورغم أننا نحرز بالفعل تقدما على صعيد إنهاء الرفع. وتراجع متوسط ديون الأسرة إلى 118% من الدخل، ومن شأن استعادة الاقتصاد عافيته بقوة إقرار مزيد من الخفض بهذا المعدل، فإننا لا نزال على بعد عدة سنوات على الأقل عن النقطة التي ستصبح فيها الأسر على مستوى مالي جيد بما يكفي لأن تجعل الاقتصاد في غير حاجة للدعم الحكومي.

لكن ألن يترتب على الدعم الحكومي للاقتصاد لسنوات مقبلة تكاليف باهظة؟ نعم. سيحدث ذلك - لذا ينبغي توجيه أموال التحفيز الاقتصادي بعناية للحصول على أعلى قيمة ممكنة عن الأموال المنفقة.

ويعيدنا هذا مرة أخرى لاتفاق أوباما - مكونيل، فكثيرا ما يطرح عليّ تساؤل حول كيف أرفض هذا الاتفاق رغم موقفي المؤيد لإقرار مزيد من أموال التحفيز. وإجابتي هي: نعم، أعتقد أن أموال التحفيز قد تترك فوائد كبرى على موقفنا الراهن - لكن هذه الفوائد ينبغي تقديرها مقارنة بالتكاليف. ومن المحتمل أن يؤدي اتفاق خفض الضرائب لفوائد ضئيلة نسبيا مقابل تكاليف كبيرة للغاية.

وتكمن النقطة الرئيسة في أنه بينما سينطوي الاتفاق على تكاليف ضخمة - مما يضيف المزيد من الديون عن أموال التحفيز الأصلية التي أقرها أوباما - من المحتمل أن يترك قيمة ضئيلة للغاية عن الأموال المنفقة. وأعتقد أن التخفيضات الضريبية على الأثرياء ستنفق بالكاد، بينما لن تضيف التخفيضات الضريبية الموجهة لأبناء الطبقة الوسطى الكثير إلى الإنفاق. ولا أعتقد أن الإعفاءات الضريبية التجارية ستحرز أي تقدم في تحفيز الاستثمار بالنظر إلى الطاقة التجارية الفائضة التي تتسم بها الشركات بالفعل.

ويأتي التحفيز الرئيسي في الخطة من إجراءات أخرى، تتمثل بصورة أساسية في إعانات البطالة والإعفاءات المرتبطة بضريبة الدخل على الرواتب. ومن شأن هذه الإجراءات: (أ) ترك تأثير ضئيل فحسب على البطالة. (ب) التلاشي سريعا، مع اختفاء جزء كبير منها بحلول نهاية 2011.

والتساؤل يدور حول ما إذا كان عام من الأداء الأفضل قليلا يستحق تحمل 850 مليار دولار كديون إضافية، بجانب زيادة احتمالية جعل التخفيضات الضريبية على الأثرياء دائمة. في رأيي، الإجابة لا.

من الواضح أن فريق إدارة أوباما يختلف مع هذا الرأي. وحسبما فهمت، فإن الإدارة تعتقد أن كل ما تحتاجه هو قدر أكبر قليلا من الوقت والمال، وفي أي يوم قادم من المحتمل أن يستعيد المحرك الاقتصادي سابق سرعته ونعاود تحركنا نحو الرخاء.

ولكن ما أتوقعه هو أننا سنجري هذا النقاش مجددا عام 2012 مع استمرار ارتفاع معدلات البطالة ومعاناة الاقتصاد مع تلاشي أجزاء كبيرة من الاتفاق الراهن. ربما يظن البيت الأبيض أنه أبرم صفقة طيبة، لكنني أعتقد أنه في طريقه نحو أن يمنى بصدمة كبرى.

* خدمة «نيويورك تايمز»