لماذا يريدون لنا «وهم» حياة نيابية؟

TT

إذا كانت الانتخابات تؤدي بنا إلى هذا المستوى المتدني في كل إجراءاتها ثم نتائجها، فلا بد أن نكون على يقين بأنها ليست الانتخابات المرجوة لحياة نيابية محترمة وموثوق بها، ولا يمكن أن نحقق معها ما نأمله من إصلاح وتغيير ينهضان ببلادنا بعيدا عن كل بؤر الفساد.

في يوم الأحد 12/12/2010، الذي كثرت زعابيبه واشتدت رياحه وتدنت فيه الرؤية تحت شبورة ترابية كتمت أنفاس القاهرة، وغرقت الإسكندرية ومدن الدلتا تحت الأمطار الغزيرة، متسببة في خسائر في الأرواح والأموال، تم افتتاح الدورة الجديدة لما اصطلح على تسميته «مجلس الشعب»، البرلمان في قول أقدم، ولم تستطع الكلمات الواثقة أن تخفي الوجوم الجماعي، الذي ظهر على الوجوه جليا أمام الجالس من المواطنين يتابع الحدث عبر شاشات المذياع المرئي، ليكون بدوره شبورة أخرى، موازية لشبورة التراب، كاتمة لأي ملمح من ملامح الفرح أو الانتصار، بينما كان الجمع الغفير من قوى المعارضة متجمهرا في الشارع أمام دار القضاء العالي يرفع هتافات «باطل.. باطل»!

لم يكن هناك مجال لتصور آخر غير أن الأمر برمته تسديد خانة «وهم» اسمه الحياة النيابية، ولم يكن هذا «الوهم» بالشيء الجديد، فالذي يجب أن نعترف به هو أننا لم يكن لدينا حياة نيابية حقيقية منذ أسس محمد علي دولة الاستبداد وحكم مصر بمقتضاها عام 1805، وإن «تزوّق» في بعضها بالدساتير وملاعب الانتخابات والخطابات الرنانة في قاعات امتلأت بالأعضاء الذين طالما داعب النوم أعينهم فاستسلموا له من دون أن يحرجهم الغطيط!

الناس تواقة إلى نيل الحقوق وتقديم الواجبات، بل والتضحيات، عبر سعي جاد، لا مراوغة فيه ولا تلاعب، يؤدي إلى تمثيل صادق لمصالحهم اليومية والتاريخية، لا مَنٌّ فيه ولا أذى، بعيدا عن هؤلاء الذين:

لا يعرفون الحكم غير غنيمة

وسعت محاسيب الرجال كما ترى

يتخاصمون إذا المآرب عُطّلت

فإذا انقضين فلا خصام ولا مرا

على حد تعبير مقولة شاعر في أربعينات القرن الماضي!

ما لم يتحقق ذلك فسيظل هتاف «باطل.. باطل» النشيد الوطني المتواصل لكل رافض، عن حق، الاستمرار في مهزلة «وهم» حياة نيابية!