هذه هي البذاءة يا فخامة الرئيس!

TT

يقول الخبر، حسب جريدة «إيلاف» الإنترنتية، إن رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان اتصل بوزير الإعلام طارق متري، مؤخرا، وأبلغه بأنه مستاء مما يتضمنه برنامج «أهضم شي» الذي تقدمه محطة «إم تي في» M.T.V التلفزيونية، من عبارات بذيئة وكلمات مسيئة للذوق العام تحت ستار إطلاق النكات التي يقوم عليها البرنامج المذكور.

وذكر رئيس الجمهورية أنه وزوجته تلقيا عشرات الاتصالات من شخصيات مختلفة لوضع حد لما سمته هذه الشخصيات الاعتبارية بـ«الفلتان الإعلامي» المتمادي الذي ينعكس سلبا على الأسرة اللبنانية.

لست متابعا لهذا البرنامج الذي غضب منه الرئيس سليمان وعقيلته وآخرون من أهل لبنان، وإن كان هو البرنامج الذي أطلعني صديق على جانب من إحدى حلقاته، من خلال «إيميل» أرسله لي، فهو برنامج لا يجوز أن يصنف برنامجا عائليا مفتوحا للجميع.

ومن حق، لا بل من واجب، الرئيس، أي رئيس في العالم، أن يتفاعل مع قيم مجتمعه العامة والمتفق عليها من الجميع كأساسات مشتركة، ويحمي الذوق العام من «الفلتان».

لكن لا يملك المرء إلا أن يتساءل: هل «الفلتان» محصور فقط في نكتة جنسية أو إيماءة بذيئة من هذا أو ذاك؟!

نتحدث عن لبنان تحديدا، وبما أن الخبر يتعلق به، فأين هو «الفلتان» الأكبر؟ هل في برنامج فكاهي «بذيء»، أو في «اغتصاب» الدولة علنا، وأمام أنظار العالم من قبل فريق يظهر خنجره من تحت ثياب القدسية ويغرزه في خاصرة الدولة ويسوقها عبر الأزقة المظلمة إلى حيث يريد ورغم أنف «أهل الحارة» كلهم؟.. أليس هذا هو «الفلتان» الأكبر؟!

البذاءة الحقيقية هي في التصريحات التي يطلقها هذا النائب أو السياسي مهددا بالويل والثبور وعظائم الأمور، وألف «7 أيار» ثانية، وأنه يجب على الجميع أن يخافوا من «صرماية» العماد أو قبضة النائب الجبلي، أو من حزب الله لو غضب، وأنه لو أخضع أحد فردا من أفراد حزب الله للمساءلة القانونية، فستقطع يد من يمس عضوا من هذا الحزب الإلهي الذي لا يأتيه الباطل من خلف يديه ولا من ظهره! أو على اللبنانيين أن يخافوا من جحافل السلفيين الجدد أتباع «القاعدة» في الشمال الذين سيكررون بالشيعة ما فعله الزرقاوي بهم في العراق.

حماية الأخلاق العامة أمر جيد، ومطلوب، ولكن الأخلاق والذوق العام ليست حكرا على الجنس وما يتعلق به، فمهما كانت خطورة «الفلتان» في هذا الجانب، فإن قيم الأسرة الخاصة، وحرص الأب والأم، كفيلان بالانتباه لأولادهما دون «الاضطرار» الملح إلى تدخل الدولة التفصيلي.

لا مشكلة مصيرية في هذا، المشكلة الكبرى في أنه ليس هناك من يحمي الدولة، وقيم الدولة، وجسد قيم المواطنة العامة من التحرش والاعتداء، بل والاغتصاب اليومي العلني. تحرش واغتصاب يعري الدولة من ملابس الانتماء المشترك بين كل أهلها، ويبقيها مهيضة الجناح في العراء.. ومن يفعل ذلك بها، للأسف، هم بعض أهلها!

تلك هي البذاءة، وهذا هو «الفلتان» الأكبر يا فخامة الرئيس!

[email protected]