ابعدي عني.. أحسن لك

TT

يقال إنه كان هناك حافلة نقل جماعية. ممتلئة بالركاب في طريق وعر، ومن ضمن هؤلاء الركاب رجل عجوز حزين يحمل بين يديه باقة من الزهور، في الوقت الذي أخذت فيه فتاة صغيرة حسناء تنظر بين الحين والآخر لباقة الزهور بإعجاب، وعند الاقتراب من إحدى المحطات أشار العجوز للسائق أن يتوقف، وقبل أن ينزل توجه للفتاة ومد لها الباقة قائلا إنك زهرة جميلة وتحبين الزهور التي مثلك، فأرجو أن تتقبليها هدية مني، ولو أن زوجتي معي الآن لما كان لديها أي مانع، وقبلت الفتاة الهدية وأخذت منه الباقة شاكرة.

وفيما كان الأتوبيس على وشك التحرك من جديد، حانت من الفتاة التفاتة نحو العجوز وشاهدته وهو يتجه نحو باب مقبرة صغيرة.

وفي ظني أن هناك تفسيرين لا ثالث لهما لتصرف الرجل العجوز، الأول: إما أن قلبه كان ما زال أخضر وهام إعجابا بتلك الفتاة الحسناء فأقدم على ما فعل، وإما أن قلبه ازداد اخضرارا عندما تذكر وتأكد أن زوجته ما زالت تقبع بأمان في داخل القبر، فانفرجت أساريره بإحساسه المتزايد بالحرية فأعطى الباقة من تستحقها، ولسان حاله يقول: الحي أبقى من الميت.

وخذوها مني: ليس هناك في الدنيا كلها أجمل من منظر الزهور بيد حسناء.

* * *

سألت الملكة فيكتوريا رئيس وزرائها ديزرائيلي: ما هو في نظرك الفرق بين الحب والصداقة؟ أجاب: الصداقة أن تمتلئ مرتاحا من لحم البقر المشوي. أما الحب فهو أن تتفجر فيك الشمبانيا.

كذب (ديزرائيلي) وخاب ظنه.

فالحب الحقيقي هو أن تتفجر شرايينك بماء (زمزم) الطاهر الطهور، والحمد لله على ذلك.

* * *

في بيروت دخلت إلى (سوبر ماركت) كبير، ولفت نظري عند مدخل الباب لوحة كبيرة علقت بها الكثير من الإعلانات، وأخذت أستعرضها وأقرأها، وتوقفت عند إعلان جاء فيه:

إنني خادمة ذكية وجميلة، أريد العمل في منزل يتكون من أسرة صغيرة ليس لديها أطفال، ويكونون أهل ثقة، وفي صحة جيدة، والأفضل أن يكون المنزل خارج بيروت، وفي منطقة جبلية تعلوها أشجار الصنوبر على ارتفاع يتراوح من 600 إلى 800 متر، علما بأنني لا أجيد الطبخ والأفضل أن تكون الزوجة على دراية تامة بالطبخ.

عندها لم أستطع أن أكبح جماح نفسي، فما كان مني إلا أن أتصل بتلك الخادمة، وأول سؤال سألتها عن عمرها، فقالت لي وهي تلثغ: إنني في السابعة عشرة وداخلة على الثمانية عشرة.

فأنهيت المكالمة قائلا لها: إنك لا تنفعين لي، ابعدي عني أحسن لك.

[email protected]