نعم.. اليمن أفضل!

TT

لخص فهد القصع، أحد أبرز القياديين اليمنيين في تنظيم القاعدة والمطلوب بواشنطن وصنعاء ومدرج اسمه على قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) بين أخطر 10 إرهابيين مطلوبين في العالم إلى جانب أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، لخص أسباب وجود وانتشار تنظيم القاعدة في اليمن بكلمات بسيطة، أو قل عفوية، تغني عن كل الدراسات والبحوث.

ففي القصة المميزة التي كتبها في صحيفتنا الخميس الماضي الزميل عرفات مدابش، كشف فيها عن أن أحد أبرز المطلوبين، فهد القصع، لا يزال حيا يرزق في اليمن ولم يقتل، كما سبق وأعلن الأميركيون، حيث التقاه مراسل الصحيفة في جبال محافظة شبوة، جنوب شرقي اليمن، حيث يختبئ في حماية قبائله (العوالق)، وقام بتصويره في منطقة شديدة الوعورة، وعندما سأل الزميل مدابش القصع عن خبر مقتله في باكستان، استغرب القصع القول إنه كان هناك، وأردف قائلا بكل بساطة تنم عن أن «القاعدة» تعرف وتعي جيدا ما تريد: «بالعكس، وجودي في اليمن أفضل، في ظل الأوضاع المتأزمة مع الحكومة اليمنية».

وهذا بيت القصيد، فـ«القاعدة» لا تستطيع الاستقرار في بلد مستقر، وغير متأزم سياسيا، أو أمنيا، ولو تأزمت الأوضاع، لا قدر الله، في لبنان أيضا، فسوف يكون لتنظيم القاعدة وجود هناك. فعملية تمويل «القاعدة» شيء، وعملية الاستقطاب شيء آخر. أما التدريب، ومباشرة الأعمال الإرهابية فهي قصة أخرى لا تستطيع «القاعدة» القيام بها من دون أرض متاحة للتدريب تحت حماية قبلية، أو طائفية، وهذا ما كان متاحا بشكل مريح في أفغانستان، ثم العراق، واليوم في اليمن. وعندما نقول هذا الأمر، وهو ما قلناه مرارا من قبل، يغضب الإخوة في اليمن، ويعتقدون أننا ننتقص من يمننا العزيز، والعكس هو الصحيح، فالمطلوب محاربة «القاعدة»، ليس بالسلاح وحسب، بل وحتى بالإصلاح السياسي، والديني، ودعم الاستقرار، فـ«القاعدة» آفة لا تنتشر إلا في مناطق النزاعات، والأزمات، بكل أنواعها.

المطلوب اليمني فهد القصع ليس إلا نموذجا لكيفية توافر الحماية لأفراد «القاعدة» باليمن، حيث يعيش مرتاحا تحت حماية قبيلته، ويبدو مرتاحا جدا، بل ويتحدث بكل أريحية، وهو يكشف عن تلقيه عروضا من الحكومة اليمنية تدعوه فيها إلى تسليم نفسه مقابل ضمانات ووعود يقول عنها بكل ثقة: «هذا غير وارد»!

وعليه، فمشكلات اليمن ليست مالية كلها، وهذا أمر يجب أن نتذكره جيدا، بقدر ما أنها مشكلات تتطلب تعقلا وصدرا مفتوحا لتقبل الجميع، وتقديم أفكار خلاقة لجمع الصف، فاليمن في حاجة إلى عمل سياسي أكثر من أي شيء آخر يضمن ترسيخ مفهوم المواطنة، وتغليب مصلحة البلاد، وحل ملفاته العالقة سواء قبليا أو مناطقيا. اليمن في حاجة إلى إصلاح سياسي، أكثر من لوم الآخرين. وعلى اليمنيين مساعدة أنفسهم ليتمكن العالم، وقبله جيرانهم، من مساعدتهم.

القصة ليست قصة تدخل في الشأن الداخلي اليمني بقدر ما أن مشكلات اليمن قد طفحت على العالم الخارجي، وباتت تؤثر، وهذه هي المشكلة الرئيسية اليوم.

[email protected]