بين الحنين والأنين

TT

للحياة الزوجية مرحلتان: ما قبل الزواج، وهي مرحلة العشق والشوق، وما بعد الزواج، وهي مرحلة الندم والأنين. وهكذا قالوا: إن الرجل يجري ويجري وراء المرأة حتى تقبض عليه. كل ما في الغزل والشعر الرومانطيقي يعود لمرحلة الجري وراء المرأة وينتهي بالزواج بها وعندئذ يبدأ أدب السخرية. قرأ لي أحد زملائي الشعراء قصيدة جميلة في الغزل. سألته حالما انتهى منها عن هوية الفتاة موضوع الغزل: من هي؟ أجابني فقال: هذه عن أم ممدوح زوجتي. نظرت في وجهه ببرم وعجب. يا عزيزي أبو ممدوح، عيب عليك! تتغزل بامرأتك! الغزل يكون مع واحدة تتطلع لعشرتها وليس مع واحدة تعاشرك كل يوم في بيتك وتطبخ لك وتغسل هدومك!

ليلة العرس يسدل الستار على الرومانسية، وتبدأ الكوميديا، تبدأ هذه السلسلة الطويلة من النكات الساخرة عن الحياة الزوجية.

ليس في الحياة الزوجية ما يشقي الأزواج كنقنقة الزوجة المستمرة. لا تنتهي من الشكوى في شيء حتى تبدأ بالشكوى من شيء آخر. وهو ما عاناه أحد الرجال إلى الحد الذي أمرضه. اضطرت زوجته لاصطحابه للدكتور. فحصه الطبيب ثم قال إنه يعاني الإجهاد النفسي والقلق. أعطاهما وصفة لحبوب منومة. سألته: ومتى يا دكتور أعطيه هذه الحبوب؟ قال: هذه ليست له، هذه الحبوب لك.

بيد أن رجلا آخر وجد طريقة أبسط وأقل خطرا لتفادي النقنقة الزوجية اليومية. عاد إلى البيت وفي يده ثلاث بطاقات للسينما. شكرته على ذلك ثم سألته: ولكن لماذا ثلاث؟ قال: واحدة لك والاثنتان الأخريان لوالديك.

وتستمر المشاجرات. كل يعبر عن ندمه على الزواج بالآخر. ساعة سودة ساعة شفتك وعرفتك. يقول كل منهما للآخر حتى تصبح العبارة شعارا لحياتهما اليومية. تقول له: تزوجتك لمجرد أن أكتشف مدى غبائك وقلة عقلك.

«هذا سهل.. كان لازما أن تكتشفي هذا من اللحظة التي خطبتك فيها».

تهمة الغباء المتواصلة. كلما تضايق أحدهما من الآخر واستاء من سلوكه وسوء تصرفاته وجهت هذه التهمة: يا غبي...! ويرد عليها: يا غبية!

«تعرف؟ الحق علي! أنا كنت غبية مائة في المائة لما وافقت على الزواج بك».

«الحب أعمى! أنا كنت غارقا في حبي لك وفات علي أن ألاحظ ذلك فيك!».

ملل! ملل! ملل! ما من سم زعاف للحياة الزوجية كالملل. العشرة المتواصلة، غالبا 24 ساعة في اليوم. لاحظت انهماكه في قراءة الجرائد والمجلات كمهْرب يسير وشريف من الملل فقالت له: آه يا ليتني جريدة حتى أكون بين يديك طوال الوقت.

«وأنا كذلك يا حبيبتي. أنا أيضا أتمنى أن تكوني جريدة في يدي.. لأغيرها من يوم إلى يوم»!

ومع ذلك، فقولوا مع من قالوا: الزواج شر، وأشر ما فيه أنه شر لا بد منه.