حزب الله.. الشقيقة سبقت الصديقة!

TT

نقاط عدة يمكن استخلاصها من تصريح المرشد الأعلى الإيراني بأن محكمة الحريري باطلة وصورية. أولى تلك النقاط: أن التصريحات تؤكد مجددا، بما لا يدع مجالا للشك، أن حزب الله أداة إيرانية لا تقبل طهران التفريط فيها بسهولة؛ فلبنان أبرز ورقة قوة، ومساومة، لإيران اليوم، سواء مع إسرائيل، أو أوروبا، بحكم الموقع الجغرافي، أو للتفاوض حول الملف النووي، وكجبهة عسكرية إيرانية ضد إسرائيل في حال تم توجيه ضربة عسكرية لإيران من قِبَل واشنطن أو تل أبيب، وهذا بالطبع يرد على من يقول: «دعونا من لبنان».

النقطة الأخرى: أن تصريحات خامنئي تؤكد أنه هو السلطة الوحيدة في طهران، وليس الرئيس، أو وزير الخارجية، وهذا يرد أيضا على تصريحات وزير الخارجية الإيراني الجديد، ويدل على أنه ليس بوسعه إنجاز ما وعد به قبل أيام، وبعد إقالة متقي. الأمر الآخر، وهنا مربط الفرس: أن تصريحات المرشد جاءت بعد أيام من مناشدة حزب الله، الدول الصديقة والشقيقة، التدخل والحيلولة ضد صدور القرار الظني في محكمة الحريري، وبعد أن قال الرئيس السوري إنه لا مبادرة سعودية - سورية، وإن الحل لبناني. فبعد مناشدة الحزب الدول الصديقة والشقيقة لم يحرك أحد ساكنا، وبالتالي تدخل المرشد ليقول: إن المهلة الممنوحة من قِبَل طهران لسورية لتقديم حل قد انتهت، وبالتالي فإن الشقيق، أي إيران، أو قل: المرجع، قد هب لنجدة حزب الله. لكن السؤال هو: هل يساعد ذلك الحزب؟

أشك.. بل إن تصريح المرشد الإيراني قد يزيد الأمور تعقيدا؛ فحزب الله كان يهدد اللبنانيين بقطع الأيادي، وكان الرد على الحزب: حسنا.. ماذا ستفعلون؟ تحتلون بيروت.. تعلنونها دولة شيعية.. تفضلوا وستجنون الحنظل! وبالمقابل كان الحزب يقلق من ظهوره بالمظهر الطائفي، اليوم، وبعد تصريحات المرشد الإيراني، فإن أي تصرف يقوم به الحزب سيكون محسوبا مباشرة على طهران، وسينظر له على أنه دعم إيراني لحزب شيعي على حساب باقي المكونات اللبنانية، وهذه بحد ذاتها ورطة للحزب وإيران أمام العالم العربي، وأمام اللبنانيين عموما.

وكما أسلفنا، فإن تصريحات المرشد تعني، فيما تعني، أن إيران قد أعلنت أنها من يحمي حزب الله، كما أعلنت انتهاء المهلة المعطاة لسورية، وبالتالي فإن السؤال الآن هو: ما الذي ستفعله دمشق؟ هل تزايد على التصريحات الإيرانية، أم تواصل مسك العصا من وسطها، وتنتظر على ضفاف النهر لترى جثث خصومها تمر من أمامها، كما يقال، وإلى أن يهرول الجميع، بعد أن يكونوا قد أنهكوا، لطلب النجدة من دمشق، أم أن السوريين سيرتبكون، خصوصا أن ليس بمقدورهم فعل الكثير الآن حيال المحكمة؟

وعليه، فإن المستفيد اليوم من كل ما يحدث، ومن تصريحات المرشد، بالطبع، ليس حزب الله، كما يعتقد البعض، وإنما المستفيد هو لبنان؛ حيث سقطت الأقنعة، وبات اللعب على المكشوف؛ حيث دخل لبنان مرحلة اشتداد الأزمة، والمثل يقول: «اشتدي أزمة تنفرجي».

[email protected]