امرأة ولا كل النساء

TT

أشق شيء على نفسي هو أن أدخل في مجادلة مع امرأة، فالمرأة من الممكن بكل سهولة أن (تغثك) وترفع ضغطك، وتوديك البحر وترجعك وأنت عطشان.

هذا إذا كانت امرأة سوية، فكيف لو كانت تلك المرأة مختلة؟!

لهذا؛ فأنا دائم الحذر إلى درجة قصوى بعدم التورط في أي مجادلة أو مناقشة كلامية مع أي امرأة مهما كانت، وعلى هذا الأساس فإنني أتبع وسيلة الحوار الصامت الذي تفضحه إشارات الأصابع والأيدي، ولا بأس من همسات العيون.

صحيح أن هذه الطريقة صعبة ومرهقة، ولكنني أفضلها على أية طريقة أخرى، ولهذا كنت وما زلت أتمنى لو أن النساء جميعا خلقن صما بكما ليس لهن ألسن، وما فيش مانع من أن يعبرن عن أنفسهن بتحيرك الشفاه والحواجب والآذان فقط لا غير مش أكثر.

والذي دعاني اليوم إلى التطرق لهذا المجال المرهق هو تورطي قبل أيام في الخوض بمجادلة مع امرأة من الصعب أن أصفها، وذلك لما تتمتع به من حدة وطولة لسان يتبرأ منها حتى إبليس.

وتلك المرأة ذكرتني بما قاله (شكسبير): «إن الجحيم لا يعرف حقدا أعنف من حقد امرأة احتقرت».

ولا أستبعد إطلاقا أن تلك المرأة قد احتقرت يوما ما، وبيني وبينكم إن الحق كل الحق مع من هو احتقرها.

وقد طببني الله بها في بلد خارجي في حفلة مختلطة مما تسمى بحفلة (كوكتيل)، وأنا يا غافل لك الله (بدوي بقرطاس)، لا أفهم بالكوكتيل ولا بما يككتلون.

وإذا بحظي العاثر يوقعني على الواقف مع تلك (الليدي) وجها لوجه، ولكي أصفها لكم لكي تكونوا بالصورة وعلى بينة، فهي امرأة لا شك أنها كانت في يوم من الأيام جميلة، ومثلما يقولون: (يروح الزين وتبقى رسومه)، غير أنها طمست تلك الرسوم نهائيا بطبقات من المكياج الصارخ، ورغم أنها تجاوزت العقد الخامس من عمرها، فهي ترتدي ملابس فتاة في الخامسة عشرة من عمرها، وقد ذكرتني أظافرها الصناعية الطويلة بالمخالب، كانت، الله لا يذكرها بالخير، تمسك بكأس العصير بيدها وتتكلم بصوت جهوري، وفي نفس الوقت تلوك بين أسنانها علكة أكبر من كرة التنس، فتخرج الألفاظ منها مبتسرة وغير مفهومة.

ويبدو، والله أعلم، أنها (نشّنت) على شخصي الضعيف واعتبرتني لقمة سائغة أو فريسة بين براثنها. وتصوروا بماذا بدأت حديثها معي؟! بدأته بنظرية (الفوضوية) التي تؤمن بها، وعندما أبديت لها وجهة نظري بكل أدب قائلا: إنني لا أحبذ تلك النظرية، فما كان منها إلا أن تلطمني بكلماتها قائلة: طبعا ما انت رجل، فهكذا هم الرجال، إنهم مسؤولون عن كل الجرائم عبر التاريخ التي ارتكبت بحق النساء.

وأخذت تتلو علي موسوعة كاملة من قصص الفضائح التي ارتكبها (فلان وعلان) من الرجال دون أن أسألها عن ذلك، كانت هي تتكلم وأنا أتحرك وأتلفت ذات اليمين وذات الشمال متمنيا أن يتدخل أحد وينقذني منها، وكلما ابتعدت أنا عنها خطوة اقتربت هي مني ثلاث خطوات، إلى درجة أن أنفاسها كادت أن تكتم على صدري.

وكانت تلك الليلة من أسوأ الليالي التي واجهتها في عمري، وما زالت آثارها تعكر علي صفو حياتي؛ كلما خطرت ببالي.

[email protected]