حماس على خطى إسرائيل!

TT

ما زال مسلسل المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية مستمرا دون نتائج حقيقية، وهذا بالطبع أمر متوقع؛ لأن حماس غير جادة في ذلك، لكن اللافت هو السجال المنشور يوم أمس في صحيفتنا بين كل من فتح وحماس؛ فبينما يتهم السيد عزام الأحمد حركة حماس بالمماطلة، يرد الدكتور إسماعيل الأشقر، عضو وفد حماس إلى جلسة الحوار الأخيرة في دمشق، قائلا: «.. لا بد من تهيئة الأجواء أولا.. وعندما تكون الأجواء جاهزة، سنكون مستعدين إلى ما هو أبعد من ذلك..». فما معنى ذلك؟

رد حماس بكل بساطة يعني أن رجال خالد مشعل يفاوضون فتح مثلما تفاوض إسرائيل أبو مازن، فكلنا يذكر مع قدوم الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إلى سدة الرئاسة في واشنطن، كيف كان العرب مطالبين بالقيام بخطوات بناء ثقة تجاه إسرائيل، واليوم تتبع حماس نفس الأسلوب مع فتح وتقول إنه لا بد من تهيئة الأجواء أولا!

ولذا؛ فقد طالبنا في مقال «اجتمع ولو في دمشق» بتاريخ 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2010، الرئيس محمود عباس بأن يفاوض حماس ولو في سورية، وإنه من الخطأ المقاطعة بسبب خلاف مع السوريين؛ لأن حماس تبحث عن ذريعة بأي شكل من الأشكال، وهذا ما حدث اليوم، فعندما عادت فتح للتفاوض مع الحركة الإخوانية بدأت حماس تقدم أعذارا واهية من أجل الهروب من استحقاق المصالحة.

الأمر المؤسف، الذي يعرفه كل متابع واقعي، ومنهم فتح، وعلى رأسها أبو مازن، أن حماس غير جادة أو معنية بالمصالحة، وحتى لو كانت جادة فإنها لا تملك قرارها. ولكي نكون صريحين فإن ما يحدث اليوم، ومن الطرفين الفلسطينيين هو معركة لكسب الرأي العام الفلسطيني والعربي. الفارق بين فتح وحماس أن أبو مازن صادق ويريد المصالحة لتعزيز الموقف الفلسطيني في معركة إنجاز الدولة الفلسطينية، وبالتالي فهو يحارب على عدة جبهات، أهمها فلسطيني داخلي، وآخر دولي.

بينما حماس تريد فقط إضاعة الوقت وإحراج أبو مازن بأكبر قدر ممكن، معوّلة على التلاعب الإسرائيلي بالالتزام بعملية السلام على أمل إضعاف أبو مازن داخليا، وبالتالي السلطة الفلسطينية، فخالد مشعل ورفاقه يعولون كثيرا على نتنياهو لإضعاف أبو مازن، وقد تكون المفاجأة بالنسبة لحماس أن الرئيس الفلسطيني قد نقل معركة الدولة إلى مستوى آخر ومفاجئ وهو معركة الدفع لفتح الباب الدولي على مصراعيه من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل دول العالم دون الجلوس حتى إلى طاولة المفاوضات مع الإسرائيليين، وما لم ينتبه له البعض إلى الآن هو أن المحشور في زاوية ذاك الباب هو أصابع حماس، فكلما ضغط أبو مازن بشدة أوجع أصابع مشعل ورفاقه.

ولذا، فلا نستغرب اليوم عندما نرى حماس تستخدم أساليب إسرائيل في التفاوض مع فتح، لكن الدرس لأبو مازن ورجاله، ومنهم السيد الأحمد، هو فاوض واستمر في التفاوض لكي تضيع على حماس فرصة الفوز بالرأي العام. صحيح أن في ذلك مضيعة للوقت، لكن منطقتنا كلها هي منطقة إضاعة الوقت والفرص، ومنذ عقود!

[email protected]