يا رب ساعة كل يوم

TT

سئل برنارد شو: لماذا صديقك هـ.ج ولز يكتب عن الأخلاق وأنت تكتب عن الفلوس؟ فقال: كل واحد يكتب عن الذي ينقصه!

وأنا كثير الكتابة عن الأرق والقلق والنوم، أو ندرة النوم.. وعندي عشرات الكتب عن أسباب النوم وفوائده وكيف تنام أطول. وكيف أن النوم صحة.. وأنه منعش.. وأنه يطيل العمر.. وأنه يمحو التجعيدات تحت العين وحول الرقبة.

وآخر التجارب جاءت في مجلة «العلوم الحديثة» الأميركية. فقد أتوا بعدد من السيدات: واحدة تنام ثماني ساعات.. وواحدة تضبط المنبه على سبع ساعات.. وواحدة على ست ساعات.. وواحدة تتقلب وتتشقلب وترتاد السرير طولا وعرضا ولا تأخذ أي منومات أو مهدئات. وكانت الرقابة الإلكترونية دقيقة جدا تسجل كل حركاتهن وساعات نومهن بمنتهى الدقة..

ووجد علماء جامعه كمبريدج البريطانية أن التي نامت ثماني ساعات أكثر جاذبية ووجهها أكثر لمعانا..

وتتناقص هذه الصفات مع تناقص ساعات النوم.. أما التي لا تنام فكل ملامح الإرهاق ظاهرة على وجهها وعلى عينيها.. ثم إنها بادية المرض..

أما اللاتي ينمن أكثر من ثماني ساعات.. عشر ساعات أو أكثر، فهن كسولات أو أقرب إلى الحالات المرضية.. خصوصا إذا عرفت أنهن لم يبذلن جهدا يحتجن معه إلى هذه الساعات الطويلة.

وانتقلت التجربة إلى أفريقيا.. ولاحظوا أن الناس هناك ينامون ساعات أطول.. وأنهم لا يبذلون جهدا كبيرا حتى يناموا.. وإنما يضع الواحد منهم رأسه على المخدة أو على قطعة حجر فإذا هو نائم. وكذلك المرأة. وهم لا يتعاطون المنومات ولا المشروبات الكحولية التي تجلب النوم..

واستنتج العلماء أن السود ينامون أطول وأعمق.. ولاحظوا أن السود إذا ناموا فإنهم يظلون على وضع واحد طوال الليل، على عكس البيض الذين يتقلبون رغم أنهم قد ناموا طويلا.. ولكن لماذا؟ هذا موضوع البحث الجديد.. وفي علوم الفضاء استطاع العلماء أن يجعلوا رائد الفضاء طيعا تماما، لدرجة أنه إذا سمع أمرا من محطات المتابعة الأرضية: الآن يجب أن تنام فورا.. فينام فورا.. كيف أن العلماء قد جردوا الرواد من إرادتهم بحيث حولوهم إلى أجهزة تنفذ ولا تفكر؟. فهل يا ترى يحتاج أبناء دولة الأرق والقلق إلى أن يتجردوا من كل إرادة ليناموا؟.. إن رواد الفضاء يحتاجون إلى وقت طويل لكي يعودوا إلى حالتهم الطبيعية.. أي إلى إعادة تأهيلهم.. وتبقى مشكلة الأرق أقوى من كل دواء... والله نحن أناس (غلابة) لا لنا داء ولا دواء.. لقد عجز العلم، الذي أرسل إلى الفضاء أناسا ينامون بالأمر وينهضون بالأمر، أن يجد لنا دواء أو شفاء.. والله كل ما نطلبه هو ساعة واحدة كل 24 ساعة.. وليس هذا على الله بكثير!