«المبادرة» أو «الأفكار» السعودية ـ السورية

TT

على الرغم من قول الرئيس السوري في زيارته الأخيرة لباريس إنه لا توجد مبادرة سعودية - سورية وإن الحل لبناني تجاه محكمة رفيق الحريري الدولية التي قد توجه اتهاما لحزب الله، فإن الزخم المحيط بما يسميه البعض «مبادرة» ويسميه البعض الآخر «أفكارا» سعودية - سورية، يكبر يوما بعد الآخر.

وبالطبع ليس هناك ما يؤكد الأمر تماما، فمصدر يقول: «صدقني لا توجد مبادرة»، بينما هناك من لا يريد الجزم بالنفي؛ حيث يكتفي بالقول: «قد تكون أفكار، لكن لا أستطيع القول إنها مبادرة». إلا أن مصدرا آخر يقول: «هناك أفكار من الصعب تركيبها على بعضها البعض».

فهناك مصادر سعودية - لبنانية، تتطابق وتختلف شكليا، تقول: إن هناك أفكارا يتم تداولها، من بينها أن تعلن «14 آذار»، أو جماعة سعد الحريري، بعد صدور قرار المحكمة بالاتهام لحزب الله، أن العدالة قد تحققت، وأن ليس المقصود اتهام طائفة، وألا يقوم لبنان بمتابعة المحكمة بعد ذلك، ويكتفي بهذا الأمر على اعتبار أن المحكمة شأن دولي وليس للبنان حق تعطيلها. وتكون التصريحات بعد ذلك مطمئنة من ناحية عدم اندلاع مواجهة طائفية في لبنان.

بالمقابل، فإن المطلوب من حزب الله، وحلفائه، وأعوانه، أربعة شروط، بحسب بعض المصادر، أو ثلاثة بحسب مصادر أخرى، هي: إلغاء الثلث المعطل في الحكومة اللبنانية، وسحب الأسلحة من المخيمات والجماعات التي قام حزب الله بتسليحها من قبل، ومؤخرا، من الجماعات السنية المحسوبة على الحزب، أو المحسوبة على سورية، التي قامت باحتلال بيروت من قبل، وتلوح باحتلال العاصمة من جديد. والشرط الثالث هو عودة حزب الله إلى طاولة الحوار الوطني، وأخيرا استكمال مقررات الطائف من مجلس شيوخ وغيره.

هذه هي حصيلة ما يدور في لبنان، وحوله، اليوم، سواء نقصت المعلومات أو زادت، وإن كانت هناك معلومات وتحليلات أخرى، ومن مستويات مطلعة، لكنها لا ترقى إلى أهمية ما ذُكر أعلاه، إلا أن اللافت أيضا، ومن خلال مصادر عليمة، أن ثمة شعورا لدى حزب الله بأن الحديث عن المبادرة لم يكن إلا تخديرا للحزب طوال تلك الفترة، وأن الحزب بات اليوم يواجه الواقع الذي ظنه لن يأتي، وهذا بدوره يفسر إعلان المرشد الإيراني أن المحكمة «صورية» و«باطلة».

فبحسب المصادر، فإن رأي خامنئي لم يكن مفاجئا للبنانيين؛ حيث سبق أن طرحه المرشد أثناء زيارة الحريري الأخيرة لطهران، وطلب اللبنانيون وقتها من المرشد عدم الإفصاح عن ذلك؛ حيث من شأنه أن يعقد الأمور، إلا أن المرشد قد أعلن عن موقفه بعد عدم تحقق أي شيء منذ مغادرة الحريري طهران! وهذا يؤكد ما قلناه بمقال «حزب الله.. الشقيقة سبقت الصديقة!» في 22 ديسمبر (كانون الأول) 2010 بأن تصريح المرشد يعني انتهاء المهلة المعطاة لدمشق من قبل طهران، وهو ما عادت وأكدته مصادر فرنسية لصحيفتنا باليوم التالي.

والأمر اللافت، وربما المفيد للمتابع، أنه من خلال الحديث مع عدة مصادر، فإن الأمر الوحيد غير القابل للشك هو أن جميع الأطراف يشكون في بعضهم البعض، وبشكل كبير، وحساس!

[email protected]