أتمنى لكم إقامة طيبة!

TT

في أي مؤتمر دولي نجد أن أكبر أعضاء الوفود عددا: الوفد الصيني. السبب؟! أن هذه الشعوب الآسيوية ترى أنه لا يستطيع فرد مهما أوتي من قوة وعلم أن ينفرد بالحل. لأن كل مشكلة لها أسباب مختلفة في التعليم والصحة والاقتصاد والأسرة.

وكنا نندهش ونسأل: ما الذي سوف يفعله هؤلاء.. مع أنهم لا يتكلمون كلهم في المناقشات. عدد قليل منهم هو الذي يتكلم. ونقول لا بد أنهم الأكبر مقاما أو الأكبر سنا. ونعرف فيما بعد أنهم رؤوس وكبار المسؤولين. والباقي يتكلم إذا كانت الحاجة إليهم.

وأول مرة أرى شيئا من مثل هذا كان في ألمانيا منذ أربعين سنة، فقد ذهبت ضمن وفد صحافي. وقيل يومها إنه من المفروض أننا وفد اقتصادي.. أي من المحللين السياسيين والاقتصاديين. أي أننا خبراء في بلدنا.. والحقيقة أننا ذهبنا للفسحة. وفوجئنا بأن الألمان جادون جدا. فقد جاء المستشار الألماني ووزراء وعدد كبير من الخبراء.. ووراء الخبراء عدد من السكرتيرات ومعهن دوسيهات وملفات.

أرجو أن أوضح لك هذه الصورة الهزلية - سوف تعرف حالا أنها هزلية: الألمان برئاسة المستشار الألماني ووزرائه وعشرة من الخبراء ووراءهم عشر من السكرتيرات. أما نحن فصحافيون صغار جاءوا يتنزهون ولا علاقة لنا بالاقتصاد: د. مصطفى محمود وأنا وعدد آخر من الصحافيين الذين لا أعرف لهم شخصا. وفزعنا عندما رأينا الوفد الألماني. وكانت المناسبة هي: معرض الصناعات الألمانية في القاهرة. ومن أهم معالم المعرض الألماني لوحة صغيرة بالقرب من باب المعرض وعلى اللوحة كل العلماء الألمان الفائزين بجائزة نوبل. وقد وضعوا هذه اللوحة في غاية التواضع..

بقية السيرة: المستشار الألماني وقور وأبهة وذكاء. وبعد أن حيانا وتكلم عن العلاقات المصرية الألمانية جلس في انتظار أسئلتنا. وكان أول الأسئلة الساذجة واحدا مني أنا. قلت: يا فخامة الرئيس أنا لم أجد في البنوك المصرية عشرة ماركات!

واندهش الرجل جدا جدا جدا والتفت حوله وأدرك لأول وهلة أننا «شوية عيال» بعثتهم مصر وكأنها أدانت الحكومة والشعب الألماني. واختفى صوت المستشار ولا بد أن الحياء منع الخبراء من الضحك. ثم قال المستشار: هذه مشكلة حكومتكم التي فشلت في أن توفر لكم العملات الأجنبية.. وأسئلة أخرى من الزملاء لا تقل «عبطا» عن هذا السؤال. وانسحب الخبراء والسكرتيرات ووقف المستشار يتمنى لنا إقامة طيبة في ألمانيا؟!