المرأة التي ضربتها عين

TT

ليس لدي حرج من أن أتحدث عن «الموضة» النسائية، فروحي من هذه الناحية رياضية جدا، كما أن عيوني متلهفة جدا لمشاهدة كل جديد وجميل.

إن الناس جميعا، سواء أكانوا رجالا أم نساء، لا يخرجون من منازلهم لمواجهة العالم من دون تحسين مظهرهم، هذا هو ما يحصل مع الناس الطبيعيين، أما من كانوا من أصناف «الدراويش» فهؤلاء لا يعنون لي شيئا.

وقد يعتبر البعض أن التجمل أو التزين ما هو إلا نوع من الخداع، مثله مثل الذي يضع على وجهه قناعا ليخفي ملامحه، وهذا غير صحيح، خصوصا إذا أدركنا أن الله جميل يحب الجمال، فما ذنب الناس أن يشاهدوا امرأة خارجة لتوها منكوشة الشعر، تضع على ملابسها «مريلة» المطبخ التي تفوح منها روائح البصل والزيت.

فالمظهر يساهم أحيانا في النجاح.

غير أن المبالغة في كثير من الأحيان قد تؤدي إلى نتيجة عكسية، فالمرأة الجميلة إذا بالغت «في مكياجها» فمن الممكن أن تتحول في نظر الآخرين إلى «بلياتشو» دون أن تشعر، كما أن المرأة قليلة أو متوسطة الجمال إذا بالغت كذلك «في مكياجها» فلسوف تنحدر إلى ما دون مستوى القبح بعدة درجات.

ولا أنسى الحادثة التي تعرضت فيها الراقصة الأميركية «إيزادورا دنكان» عندما أصرت على ارتداء وشاح طويل أكثر من اللازم لكي تلفت به الأنظار وتلوح به للمعجبين، وبينما هي تستقل سيارتها المكشوفة وتلوح بيدها للمعجبين وهي واقفة، وإذا بالوشاح الطويل يلتف بإحدى عجلات السيارة ثم يسحبها معه لتلقى حتفها في دقائق، وليس معنى ذلك أن الملابس أو «الإكسسوارات» خطيرة، ولكن مثلما قلت إن المبالغة في الأشياء أحيانا تؤدي إلى المخاطر.

فمثلا قد توصل طبيب كندي إلى أن ارتداء البنطلونات الضيقة جدا قد يؤثر على العصب الموجود في أسفل العظم الحرقفي - ولم أعرف إلى الآن ما هو الحرقفي - كما أن مشدات الصدور لها أيضا مضاعفاتها، إذ ثبت أن اثنتين من كل ثلاث سيدات ترتديان مشدات صدر بمقاس خطأ، مما يؤدي إلى تشوه المظهر، والشعور بألم الصدر وضيق التنفس.

وحيث إن الموضة في هذا الوقت هي حمل النساء للحقائب الكبيرة بزعم أنها تضفي على المرأة نحافة ورشاقة، فتبالغ بعضهن وتحمل الواحدة منهن حقيبة ضخمة ممتلئة بأدوات الزينة والإكسسوارات والمفاتيح وزجاجات المياه والكتب، ويبلغ وزنها وزن طفل صغير، وهذا العبء ربما يؤدي إلى مضاعفات لها على المدى البعيد.

كما أن للكعوب العالية للأحذية محاذيرها - خصوصا إذا كانت مفرطة في ارتفاعها - وها هي العارضة «نعومي كامبل»، فبدلا من أن تحمد ربها على طولها، أرادت أن تبدو أطول، فلبست حذاء عاليا جدا، وما أن أخذت «تتمخطر» أمام الجميع حتى التوت بسببه قدمها، وهوت على الأرض، وأول ما استقبل البلاط «براطمها» التي أخذت تنزف بالدماء، وتورمت فوق ما هي متورمة خلقة، وأصبح منظرها يبعث على الضحك والشفقة.

ولا أنسى امرأة كانت «تتقصوع» وتسير أمامي بحذائها ذي الكعب العالي، وإذا بالكعب يعلق بالفتحات المعدنية للتهوية على أحد الأرصفة، ومن حسن حظها أنها لم تسقط، فحاولت المسكينة أن تنتزع حذاءها دون جدوى، عندها أبت علي شهامتي العربية إلا أن أساعدها، ولكن للأسف «ليس كل مجتهد مصيبا»، إذ أنني من شدة حماستي و«معافرتي» للحذاء العالق انكسر الكعب بين يدي، اعتذرت لها مما حصل، غير أنها لم ترد علي، وأشارت لأول تاكسي، وما أن توقف حتى أخذت «تحجل» إليه بفردة حذاء واحدة لتركبه.

ولا أستبعد أنني قد «نضلتها»، أي ضربتها عين.

[email protected]