«فيروس ستاكسنت» يغزو مفاعل «بوشهر» ويهدد بـ«تشرنوبيل» آخر!

TT

يساور خبراء الأسلحة النووية في العالم قلق مستجد، من تكرار حدوث كارثة بيئية شبيهة بتلك التي أحدثها مفاعل «تشرنوبيل»، لأن تغلغل «فيروس ستاكسنت» في أجهزة كومبيوتر مفاعل «بوشهر» الإيراني، أدى إلى أضرار ستظهر وتنفجر بمجرد تشغيل المفاعل.

منذ فترة قصيرة، تسلم مسؤول خليجي كبير معلومات مصنفة «سرية» تحلل الأضرار التي سببها «فيروس ستاكسنت» الذي غزا أجهزة الكومبيوتر في المفاعلات الإيرانية، وبالذات مفاعل «بوشهر»، وأشارت المعلومات إلى أن الفريق العلمي في إيران المكلف بتفحص ودراسة الأضرار، لا يدرك تماما أبعادها ومخاطرها، ولا يعرف بالتالي ما ستتسبب به من أضرار جسيمة في المستقبل، والآثار السيئة التي ستتوضح أكثر عند تشغيل «بوشهر». ونسبت هذه المعلومات، الأمر الذي سبب القلق، إلى أنه عند تشغيل المفاعل فإن كارثة على نسق «تشرنوبيل» قد تقع وتسبب أضرارا بيئية إضافة إلى سقوط ضحايا بشرية.

وأشارت المعلومات إلى أن هذا «الفيروس» الذي اخترق الأجهزة، توقف بانتظار أن يعاود العمل في المستقبل ويدمر نظام مراقبة المفاعل. إذا حدث هذا، فإن المفاعل سيتم تشغيله في وقت يكون نظام المراقبة فيه لا يعمل بانتظام، وإن كل المعالم الأساسية فيه، من حرارة، وضغط وتدفق النيوترون، لا يمكن التحكم بها. هذا يعني أيضا، أنه عند تشغيل مفاعل «بوشهر» فان مشغليه لن تكون لهم القدرة على التحكم فيه، وبناء على ذلك، لن تكون هناك سيطرة على الأنشطة النووية، وعلى معدلات الانشطار في داخله التي قد تظل تنمو وتحول المفاعل إلى قنبلة نووية صغيرة. الحد الأدنى من هذا الضرر سيكون انهيار المفاعل. لكن هذا لن يحدث من دون التسبب بأضرار خارجية وتدمير واسع النطاق للبيئة الذي قد يؤثر على كل منطقة الخليج وبقية العالم، تماما ككارثة «تشرنوبيل» التي لا يزال العالم يعاني من تداعياتها.

الخبراء النوويون الذين تابعوا هذه المعلومات كان تقييمهم، لمنع وقوع كارثة حتمية من هذا النوع، التشديد على ضرورة تأخير تشغيل المفاعل إلى أن يتم التعامل مع الخطأ، أو إلى أن يتم استبدال أنظمة مراقبة المفاعل كلها. الفترة المعطاة لذلك تتراوح ما بين 6 و12 شهرا. ورأى الخبراء أن كفاءة الفريق الإيراني والروسي في التعامل مع هذا الخطأ غير مرضية. يقلقهم تقييم الفريق العرضي للأضرار التي أحدثها «فيروس ستاكسنت»، وخوفهم من أن الفريق لم يقم بفحص شامل لمعالجة الأضرار التي تعرضت لها أجهزة الكومبيوتر بالمفاعل. ورأى الخبراء أن هذا التقصير يعود إلى المهلة الزمنية القصيرة التي أعطيت للفريق ليفحص الأضرار، الأمر الذي يستحيل فيه على الفريق الروسي - الإيراني أن يكتشف الأضرار ويصححها. وإذا لم تحل هذه المشكلات المخيفة، فهذا يعني أنه لن يتم تدمير الفيروس.

في لقاء جرى في إحدى العواصم الأوروبية لبحث هذه المسألة، رأى المجتمعون من الخبراء والسياسيين أن الطريقة الوحيدة لتجنب وقوع كارثة بمجرد تفعيل المفاعل، هي باستبدال كل معدات المراقبة فيه قبل التشغيل، وبهذا يمكن تجنب ما قد يسببه هذا الفيروس من أضرار مستقبلية، ومن أضرار حدثت بالفعل لأنظمة الكومبيوتر الأساسية، من البرامج والأجهزة. فالأضرار التي حدثت، لا تتطلب فقط إعادة تثبيت البرامج، إنما استبدال قطع أساسية في المعدات، واقترح الخبراء ضرورة القيام بفحص شامل ودقيق لكومبيوترات المفاعل وأنظمة المراقبة فيه، وإذا كان من اضطرار، فيجب استبدال المكونات الرئيسية وإعادة تثبيت النظام.

من ناحية ثانية، فان «فيروس ستاكسنت» كان قد تسبب في تعطيل ألف جهاز طرد مركزي في مفاعل «ناتانز» لتخصيب اليورانيوم، وكان فريق الطاقة الذرية في الأمم المتحدة قال إن إيران علقت العمل في مرافق الإنتاج النووي. وكان دايفيد أولبرايت رئيس «معهد العلوم والأمن الدولي»، قال، إنه إذا كان «فيروس ستاكسنت» المسبب في تعطيل الطرود المركزية، فهذا يعني أنه يعمل ببطء، ويسبب أضرارا خفية في مفاعل «ناتانز»، بحيث لا يشك الإيرانيون بأن جسدا غريبا تسلل إلى أنظمة الكومبيوتر لديهم.

وقال أولبرايت إنه خلال دراسته لرمز «ستاكسنت» اكتشف أن الفيروس جعل المحركات في الطرود المركزية الإيرانية تزيد أو تبطئ من سرعتها. ورأى أنه بناء على تقرير حكومي إيراني، فإن إيران حددت دورة المحركات بـ1.007 دورة في الثانية تجنبا لوقوع أضرار، لكن مع «فيروس ستاكسنت» يبدو أن سرعة المحرك بلغت 1.046 دورة في الثانية. وكان تعليق أولبرايت: «إذا بدأت في تغيير السرعة، عندها تحدث اهتزازات وتصبح حادة جدا وهذا قد يكسر المحرك».

بالنسبة إلى ما يتعرض له مفاعل «بوشهر» أبلغ الخبراء النوويون في الاجتماع الأوروبي، أنه نظرا للآثار الشديدة، فإنه إلى جانب الفريق الروسي - الإيراني يجب أن تتوفر ضمانات مستقلة تتحقق من الطريقة التي ستعالج بها الأخطاء. وهذا يعني: فريق دولي تشترك فيه «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، مهمته تقييم التحليل للأضرار التي تعرض لها مفاعل «بوشهر»، وطرق التعامل معها، بالإضافة إلى ضمانات كافية من إيران وروسيا لتفعيل آمن للمفاعل، واتخاذ الترتيبات المسبقة للتعامل مع الأخطاء التي يكون الفيروس قد تسبب بها.

في الاجتماع الأوروبي، أشار الخبراء الأمنيون إلى أن قلقهم يتجاوز أضرار الفيروس الذي توغل بالفعل في مفاعل «بوشهر»، لأن أنظمة الحماية والأمان في المفاعل لم تكن مصممة في الأساس لمقاومة هجمات الفيروسات والأخطار الخارجية. هذا يعني أنه لا يمكن الاعتماد على المعايير الحالية للسلامة والتحليلات، لذلك لا بد من مراجعة أنظمة الحماية في المفاعل نظرا للحقائق الجديدة التي فرضتها الهجمات السيبرانية Cyber attacks وتخطيط المواجهة بناء عليها.

إذا كانت إيران مسؤولة بسبب تعنت قيادتها ورفضها كل العروض التي قدمت لها، فإن الدول التي تقف وراء «فيروس ستاكسنت» تتحمل بدورها مسؤولية أكبر. فهي أطلقت هذا البعبع الذي فقدت السيطرة عليه. أدخلت الفيروس الذي سيظل نشطا حتى يونيو (حزيران) من عام 2012، كما ذكر أحد التقارير، ومن ثم سيدمر نفسه بحيث لا يترك آثارا وراءه تدل على من أرسله، إنما بعدما يكون قد تسبب بأضرار كارثية.

في شهر أبريل (نيسان) من عام 1986 وقعت كارثة «تشرنوبيل» في أوكرانيا، وحتى اليوم لا تزال المدينة غير مسكونة، وقبل أسابيع أعلنت الحكومة الأوكرانية أنه ابتداء من هذا الصيف ستقوم بنقل السياح المستعدين لإلقاء نظرة على المدينة المنكوبة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن إيران محت مدينة «بان» التي دمرها الزلزال من الخريطة.

ولا تزال صور أطفال «تشرنوبيل» المشوهين أمضى من الصمت الذي التزم به الاتحاد السوفياتي يومها. السحابة المشعة التي أطلقتها كارثة «تشرنوبيل»، غطت أجزاء كبيرة من روسيا، وبيلاروسيا وأوكرانيا والعديد من الدول الأوروبية. أرض «تشرنوبيل» لن تثمر بعد الآن. أهالي «تشرنوبيل» كانوا فقراء وكان يحكمهم الاتحاد السوفياتي، وماتوا بعد ذلك بالسرطان.

أهالي منطقة الخليج ليسوا فقراء وحكامها غير متسلطين، وشعوبها لا يريدون أن تتحول أراضيهم إلى لعنة ولا أن يموتوا بالسرطان، فهل إيران مصرة على التسبب بـ«تشرنوبيل» آخر؟

وماذا عن الشعب الإيراني؟