بسط أهدافك تنجز أكثر

TT

انقضى العام، ولم ينجز كثير منا أهدافهم وأمنياتهم، لأنهم باختصار لم يضعوا أهدافا مبسطة وعملية ومكتوبة سهلة التنفيذ. فكم من مبلغ مالي لطالما تمنيت تحقيقه ولم تظفر بنصفه، لأنك باختصار لم تضع هدفا بسيطا قابلا للتطبيق وتلتزم به. إن كنت تريد توفير 10 آلاف دولار أميركي في السنة، مثلا، فيجب أن توفر نحو 833 دولارا شهريا. الأمر لا يحتاج إلى تعقيد أو مبالغة بالتخطيط. والأمر ينطبق على صحتك، فبدلا من أن تتمنى على الله الأماني، بسط هدفك الصحي بالتالي: ممارسة الرياضة ما لا يقل عن 3 مرات أسبوعيا لمدة نصف ساعة، وهو الحد الأدنى الذي يمتعك بلياقة وصحة بدنية بحسب إحدى الدراسات العلمية. ولماذا لا تجري كشفا طبيا شاملا سنويا وتحتفظ بالنتائج في ملف خاص، أليست صحتك أولى من صيانة سيارتك؟ الأطباء يؤكدون أن كثيرا من الأمراض الخطيرة يمكن علاجها لو أنها اكتشفت مبكرا. ويمكن تحويل رياضتك المفضلة، إلى موعد أسبوعي لممارستها مع أصدقائك، ومن الأجدى أن تلزم نفسك بدفع مبلغ مالي للنادي لتضطر إلى المواظبة. ومن الأهداف الصحية العملية أن تعلن أمام زملائك أو أقربائك تعهدك بإنقاص وزنك بعدد «محدد» من الكيلوغرامات، كما فعل الصحافي الإماراتي البدين محمد خان الذي أشهر عزمه إنقاص 50 كيلوغراما في حملة دعائية على مستوى بلاده. أحيانا إشهار الهدف يلزمك بتحقيقه.

بالنسبة للأهداف الأسرية لا تبالغ بالتخطيط، حدد ساعات معينة تقضيها مع أسرتك، ووالديك «يوميا»، لا سيما يوم كامل في الأسبوع تسميه «يوم العائلة» وهم الذين يختارون جدوله! كل هذه المواعيد يفترض أن تكون مقدسة لديك، لا تسمح لأحد أن يقتطعها منك، ومن دون ذلك سوف تراوح في مكانك وربما تتوتر علاقاتك مع أقربائك. وإذا كنت ممن يعانون من تقصير اجتماعي في التواصل مع الآخرين، اختر شخصا «واحدا فقط» يوميا لتتصل عليه، وتسأل عن أخباره. تبدأ من دائرة الأقرباء حتى أبعد الأصدقاء. سوف تجد ردود فعل غير عادية خصوصا إذا علم هؤلاء أنك لا تريد سوى السؤال عن أحوالهم. والمهم هنا ألا تتصل على أكثر من «شخص واحد» في اليوم حتى تضمن استمرار الهدف ولا تفتر همتك. فعلوّ الهمة تكون أحيانا سببا في عدم تحقيقك لأهدافك. لأنك ببساطة شديدة تريد أن تفعل كل شيء في وقت قصير، كالذي ينكب على حفظ القرآن الكريم في عام واحد، ثم ما يلبث أن يفقد عزيمته فيتوقف كلية بعد بضعة أشهر، وربما ينفر من القراءة، لأنه لم يكن واقعيا في هدفه. ولو أنه واظب على حفظ نصف صفحة يوميا (مثلا) لكان ختم حفظه في غضون 3 سنوات وربع السنة تقريبا، لأن في المصحف 600 صفحة (1200 نصف صفحة/365 يوما). وشخصيا كتبت 4 كتب بهدف بسيط، وهو كتابة ألف كلمة في الأسبوع (بحجم مقالتين من هذه) فأجد أن كتابي جهاز للطباعة بعد عام. أنصح كل من لديه قضية يريد نشرها أن ينحو هذا المنحى البسيط. ويمكن أيضا أن تكتب ثلاث عادات سلبية تود التخلص منها في العام المقبل مثل الحضور متأخرا إلى العمل، أو الغيبة، أو الكذب، أو بذاءة اللسان وغيرها. وكم أعجبني ذلك الشخص الذي قيل إنه كلما اغتاب أحدا دفع دينارا واحدا صدقة، عقوبة لذاته، حتى أقلع عن هذه العادة السلبية بطريقة بسيطة وعملية. على صعيد تطوير الذات، يمكنك البدء يوميا بمشاهدة فيديو قصير عبر الإنترنت أو تستمع لألبوم سمعي بالسيارة، أو تحضر دورة شهرية، لتشحذ همتك أو تقوي إيمانياتك لتواجه ضغوط العمل ومتاعب الحياة بقوة وصلابة.

لنبسط أهدافنا لا بد أن نعرف أولا ما هي «الأهداف الذكية» وهو ما تطرقت إليه في مقال سابق بعنوان «كيف تخطط للعام الجديد؟» الموجود بموقع صحيفة «الشرق الأوسط» و«العربية»، وأنصح بشدة بقراءته، ولدي أيضا فيديو مهم مدته 7 دقائق يسهل عليك مهمة ترتيب أولوياتك اليومية، وأنا على استعداد أن أرسله إلى بريدك الإلكتروني. بعد ذلك تستطيع بسهولة تبسيط الأهداف على النحو الذي ذكر آنفا في هذا المقال. ولنكون عمليين ارسم دوائر كبيرة في ورقة واحدة تضع فيها كلمات مثل: صحتي، أسرتي، تطوير ذاتي، أموالي، هدف حياتي الرئيسي وغيرها، وفي كل دائرة ضع أهم ثلاثة أو أربعة أهداف ثم ضعها على مكتبك أو باب غرفتك من الداخل حتى تراها عندما تخلو بنفسك. وتذكر أنك لن تنجز شيئا ما لم تكتب قائمة أهداف واقعية وبسيطة ومحددة بمدة زمنية، لأن من لا يخطط يخطط لفشله.

[email protected]

* كاتب متخصص في الإدارة