عام التطاول اللاديني على الإسلام

TT

ذهب 2010 والحمد لله، وسيكون حضرته الشاهد على الإفراط في التطاول اللاديني على الإسلام؛ الذي «تفهلو» بعض عشاق «الفهلوة» بتسميته «الدينوقراطية»!

الحقيقة التي لا لبس فيها هي أن الخلط، الذي اعتمده البعض، بالمصطلحات غير الإسلامية ومحاولة إقحامها على «الإسلام»، قاصدين أو جاهلين، مثل «الأصولية»، و«الثيوقراطية»، و«المدني» و«الديني»، حتى صارت مفردات النقد والنقاش والجدال و«المحاور» الثقافية؛ قد أدى بنا، في منطقتنا العربية والإسلامية إلى زياط وهرج ومرج والتباسات شديدة تخلقت معها فتن عظيمة أوصلتنا إلى الالتصاق بظهورنا إلى الحائط لنقول بصوت واهن: «الإرهاب ليس الإسلام، الإرهاب غير المقاومة، يمكننا أن نكون مسلمين وغير إرهابيين... إلخ». وفي هذا الركن المتخاذل المهين، الذي زج بنا فيه، تشجعت عقيرة الأعداء المتوارين ليعلنوها صراحة: «لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين»، كأن «الإسلام» مجرد «دين» وليس، كما تعلمنا وعلمنا يقينا أنه «دين ودولة». كأن رسولنا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقرأ علينا تنزيل الوحي الإلهي في سورة «النساء»، آية 65: «فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا»، وكأن الخليفة الراشد أبا بكر لم يقرر «سياسة» حكمه بهذه المقولة الحاسمة: «أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم».

لقد قلت منذ سنوات بعيدة للأستاذ الدكتور لويس عوض، وكان يكتب عن «الثيوقراطية»، أي الدولة الدينية في تاريخ الحضارة الغربية: «يا دكتور نحن لسنا على استعداد لسداد فواتير أخطاء الكنيسة الغربية وما فعلته بالدول الأوروبية!».

العقيدة الراسخة لدى المواطن المسلم، على أرض الإسلام، أنه: يجب أن يحكم بالإسلام وقوانين الإسلام، ومنذ أرغمنا في بلادنا على صياغة القوانين وفقا للقانون الروماني تارة، والفرنسي تارة أخرى، وغيرهما، ومحاولة تمريرهما على الناس بكلمة غير فعالة تهادن في الدستور: «دين الدولة الإسلام»، منذ ذلك الحين ونحن في ارتباك شديد وتخليط لا يرضى عنه أحد، فلا هو أراح المواطن المسلم، ولا هو أراح المواطن غير المسلم، ولا هو أشبع طمع العلماني اللاديني، المتخفي وراء لافتة الليبرالية، الذي يجهر الآن بالمطالبة بإلغاء ورقة التوت، وأعني فقرة «دين الدولة الإسلام»، من الدستور المصري، لتكتمل أركان «الدولة المدنية» المزعومة، التي يرونها أملهم المنشود لتكبيل المسلم على أرضه وإغلاق فمه إلى الأبد، فلا ينطق بحرف من قانون الشرع الإلهي، وتتحول شهادته: «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، إلى همسة خافتة يتعهد بها في صلاته ويخالفها على مدار حياته اليومية، ويصبح كل معارض لهذا المصير المروع: أصوليا، إرهابيا، ثيوقراطيا، دينوقراطيا، متآمرا على الدولة المدنية! وخندق العلمانيين واللادينيين ملآن بما يثلج قلب الكيان الصهيوني وكل مؤازر له في عدائه للإسلام ومتعاون معه لمحاربته، هؤلاء، الذين عادوا يجهرون، فيما يجهرون به من عداء صريح للإسلام، بعظمة مصطفى كمال أتاتورك ويرونه البطل الذي ملأ كوب تركيا بالماء النظيف (العلمانية) بعد أن أفرغه من الماء القذر (والمقصود مفهوم)!

وأهلا بـ2011، فهو لن يضيف الغريب ولا العجيب، والله فعال لما يريد.