واحد فقط لا يقوم بثورة بيضاء!

TT

عندنا في مصر مشكلة.. وكمان مشكلة!

المشكلة الأولى هي التعليم والتربية.. نريد إصلاحا أو مشروعا للإصلاح.

والمشكلة الثانية أن كل وزير للتعليم يؤكد لنا أنه يستطيع ذلك.. وقد جربنا المشاريع الفاشلة والتي لا بد أن تفشل.. وهذا درس لكل دولة عربية.

والمشكلة الثالثة هي أننا نصدق كل وزير.. أو لأننا لم نعد نصدق أي وزير فقد تركناه يقول ويعمل بما يقول أو بأي شيء آخر..

والنتيجة: أنه لم تتحقق لدينا أية نظرية ناجحة لإصلاح التعليم.. وهي البداية الصحيحة لأي تطور أو تطوير أو تنوير وأمامنا ما فعله محمد علي باشا في زمانه.. وما فعلته اليابان أيضا.

وقد قرأت أن وزير التربية والتعليم في مصر لديه مشروع.. وأنا لا أريد أن أكمل هذه العبارة لأنني لن أقرأ مشروعه.

والسبب: هو أن أحدا لا يستطيع أن يقوم بهذه الثورة البيضاء وحده ولم يستطع قبله أحد أن يقوم بثورة في التربية والتعليم بلا شريك.. لأن التعليم بداية كل شيء: التعليم والتربية والصحة والاقتصاد والأخلاق والأسرة. فالتعليم الذي يمس كل الناس، فهو قضية كل الناس، فإذا قال واحد، أيا كان هذا الواحد، إنه سوف يصلح التعليم فلن أصدقه.. ولن أكلف نفسي وقتا لقراءة مشروعه التعليمي أو التربوي، وأمامنا تاريخ حركات التنوير في كل الدنيا.. لم يقم بها فرد وإنما خبراء كثيرون وكذلك فعل محمد علي باشا وكذلك فعلت اليابان في أوائل القرن التاسع عشر. والقصة معروفة وقد تعرضت لها كثيرا ولا مانع من إعادتها. فقد ضرب لنا القرآن الكريم مثلا رفيعا عندما روى القصة الواحدة عدة مرات بأشكال مختلفة.. ففي منتصف القرن التاسع عشر اقتنع اليابانيون بأن أحسن وسيلة لتلقي العلوم هي أن يستقدموا الخبراء من أميركا يعلمونهم التعليم ومن فرنسا يعلمونهم الدستور ومن إنجلترا يعلمونهم السكك الحديدية ومن ألمانيا يعلمونهم بناء المستشفيات وصناعة الدواء ومن إيطاليا يعلمونهم الرسم والعزف.. وجاءوا وعلموا المئات والمئات علموا عشرات الألوف.. وفوجئ العالم بالتقدم الصامت الباهر للشعب الياباني..

ولا شيء يدل على جدية هذه المشاريع الجبارة إلا حشد كل خبراء الأمة من أجل الإصلاح والتطوير والتنوير والثورة الهادئة على كل ما هو قديم.. وليست ثورة فرد واحد وإنما كثيرين ولذلك لن أقرأ مشروع الوزير المصري ولا أي وزير آخر يريد أن ينفرد بإصلاح الكون؟!