«أسانسير» بين السماء والأرض!

TT

في الأحياء الشعبية في مصر تقف ست البيت في الشباك وتنادي على بائع الخضراوات. فإذا جاء أدلت له بسلة لكي يضع فيها الخضراوات. ويحدث ذلك مرات في كل يوم. وهي بذلك توفر على نفسها أن تهبط الدرج وتخرج من البيت وتقف في الشارع تفاصل في عملية البيع كل يوم. أما الفصال فإنها تستطيعه من الشباك أيضا.

ولو كان أبو الصواريخ الروسي تسيولكوفسكي في مصر لأوحت له حكاية السلة وست البيت بالفكرة الجبارة التي نادى بها. ولكنه لم ير ست البيت المصرية سنة 1895 وإنما رأى برج إيفل وكيف ينقلون إليه الحديد عن طريق أسلاك يدلون بها وفيها غرفة صغيرة يضعون فيها الحديد لتركيبه في أعلى برج إيفل. أما فكرة «أسانسير السماء».. أي كيف نثبت جسما يدور حول الأرض ويدلى بالأسلاك منه وهي تحمل إليه غرفة بها رواد الفضاء فقد اتخذت شكلها الرائع في رواية «ينابيع الفردوس» للكاتب الإنجليزي آرثر كلارك أعظم كتاب الخيال العلمي.. وقد تخيل «أسانسير السماء» وكيف يكون. ولسبب ما اختار جبلا في جزيرة سريلانكا لتلقي أسانسير السماء..

ولكن هناك مشكلات: هل ميكانيكا الفضاء تسمح لهم ببناء هذا الأسانسير الذي يركبه الرواد أو المسافرون به إلى الفضاء وذلك بتثبيت جسم يدور حول الأرض ثم تهبط منه أسلاك متينة لتحمل الرواد أو السياح..

والمشكلة الثانية هي الأسلاك أو الخيوط أو الحبال. وقد اهتدى العلماء إلى هذه الأسلاك المصنوعة من الكربون باستخدام نانو تكنولوجي - أي استخدام الخيوط متناهية السمك. وهي أقوى مادة اهتدى إليها الإنسان.

ويرى البروفسور مارك ميدونيك من كلية الملك جامعة لندن أن هذه الخيوط موجودة وتستطيع أن تحمل أي وزن وتواجه به الأعاصير والضغوط والجاذبية. وهذه الخيوط من مادة الكربون متناهية الكثافة. وسوف يحتاج الأسانسير الفضائي إلى أن يكون الخيط غليظا جدا لدرجة نبه بأن يكون عرضه مترا وطوله نحو عشرين ألف ميل. ولا تزال تجارب خيوط الكربون متناهية الكثافة في مراحل التجريب. ولكن لا مشكلة بعد ذلك. ثم إن الأسانسير أرخص في التكلفة من المكوك الفضائي أو سفن الفضاء ذهابا وإيابا إلى المحطة الدولية المدارية. ولكن الفكرة مقنعة. فلا يبقى إلا التأكد من قوانين الحركة والجاذبية لكي يكون الأسانسير آمنا وسالما - علينا أن ننتظر..