لماذا تخشى إيران إعدام «زانية»؟

TT

نفذت إيران 12 حالة إعدام لمهربي المخدرات في يوم واحد هذا الأسبوع، وأعدمت في العام الماضي أكثر من 170 متهما بقضايا سياسية ونحوها، لكنها منذ 4 سنوات عاجزة عن إعدام امرأة واحدة اتهمتها بالزنى. منذ الحكم عليها وهي تقبع في السجن، لم تخرج منه إلا أول من أمس لتظهر صورها أمام العالم تأكل مع أولادها في صحة وعافية.

ما الذي يجعل قضية السيدة سكينة أشتياني عصية على هذا النظام الحديدي الذي اعتاد على تنفيذ الإعدامات بالمئات، واعتاد أيضا على تحدي المجتمعين المحلي والدولي على حد سواء؟ لماذا يتجرأ على بناء سلاح نووي ويعجز عن إعدام امرأة واحدة؟

المرأة ليست شخصية مهمة، ولا تبدو التهمة في أصلها سياسية إلا بقدر ما أحدثته، وما قد تحدثه من عاصفة استنكار عالمية تهدد ما تبقى للحكومة من سمعة وعلاقات بالعالم. خوفها من تداعيات الحكم على المرأة، سجنت صحافيين ألمانيين بدعوى التجسس لأنهما طلبا إجراء حديث معها. بسبب الحملة التي قادتها الجمعيات الحقوقية العالمية وجد النظام نفسه محاصرا دوليا بسبب عزمه إعدام امرأة يتهمها بالزنى. انهالت عليه الاحتجاجات، حتى من الدول التي يرجو تأييدها له في أميركا اللاتينية والصين وغيرهما، وبسبب هذه القضية سيخسر تعاطف الجماعات اليسارية الغربية التي تهاجم أنظمتها في قضية حصار إيران.

لهذا لفق لاحقا دعوى أنها زانية وقاتلة أيضا، صعقت زوجها بالكهرباء، إلا أن الرواية لم تصمد ولم تعد الحكومة إلى ترديدها. الآن يبدو أنها تمهد للتراجع لإطلاق سراحها فاخترعت مسرحية أخرى تثير السخرية؛ حيث تظهر المرأة المحكوم عليها بالإعدام لأول مرة خارج السجن تأكل مع أولادها في بيتها وتصرح للتلفزيون الرسمي بأن محاميها كاذب وتآمر عليها، وتنتقد الصحافيين الألمانيين لأنهما حاولا نقل روايتها. الأدهى والأمر نرى ابنها يستجدي العفو لأمه قائلا إنها مارست الزنى! أمر لا يقبله عقل، لولا أن الابن مضطر لإرضاء السلطات لإنقاذ أمه من الإعدام، والحكومة تريد إنقاذ نفسها والخروج من هذه الورطة.

أما لماذا هذا القلق عند السلطات الإيرانية حيال قضية تبدو عادية في إيران، فمرده خوفها من أن يؤلب إعدامها منظمات المرأة وجمعيات حقوق الإنسان بالعالم. وما الذي يخيف إيران من غضب العالم وهي ترتكب أعمالا أثارت غضبا أعظم من إعدام شخص آخر؟ السبب أن خسارة الرأي العام الدولي قد تجعله يؤيد، بل يتحمس، لشن حرب ضد هذا «النظام البربري». فقد كانت نقطة ضعف صدام قبيل احتلاله الكويت أنه كان يسجن ويعدم ويفاخر بجرائمه متحديا العالم، وكان إعدامه للصحافي البريطاني بازوفت القشة الأخيرة. أيضا كانت صور طالبان بمنع البنات من الدراسة وجلدهن في الأماكن العامة هي التي أثارت غضب العالم وتقززه وجمعت التأييد الضروري لشن الحرب على ذلك النظام المتخلف.

[email protected]