أستاذا للتاريخ لا تلميذا له

TT

أكثر ما يدعو إلى السخرية في قضية لوران غباغبو وتمسكه بالسلطة في ساحل العاج، أن الرجل أستاذ سابق للتاريخ. لكن هذه هي طبائع الشعوب: كل امرئ يعتقد أنه ليس معنيا شخصيا بالدروس التي يعطيها. وكل مجرّب لا يعتقد أنه معني بالتجربة التي سبقت. لكن لوران غباغبو صورة مضحكة ودامية لمشهد متكرر في ساحل العاج، لكي لا نقول طبعا في كل أفريقيا، بيضاء سوداء سمراء، شمال جنوب غرب شرق. وخلاف ذلك.

عاد غباغبو إلى أبيدجان ليطرح نفسه بديلا للرجل الذي حكم 33 عاما، فليكس هنرييت - بوانيي. وهذا كان له قول شهير في السنة التاسعة والعشرين من حكمه (عام 1988). قال: «ليس هناك الرجل رقم 2 أو 3 أو 4. في ساحل العاج هناك فقط الرقم واحد، وهذا أنا. وأنا لا أشرك أحدا في قراراتي». ظل بوانيي رئيسا حتى الموت، وظل يفوز بـ99.7 في المائة من الأصوات.

خطر لأستاذ التاريخ غباغبو أن يلقي خطابا معارضا، فجاء من ينصحه بالهرب من البلاد فورا، 1982. ولم يعد إلا عام 1988 بعدما أصدر بوانيي بسخاء وتواضع عفوا عاما عن معارضيه! ودخل غباغبو عالم المعارضة. وعندما سئل لماذا يريد التغيير قال: «تعلمت من الرئيس أنه يجب أن نتجنب كل شيء فعله. تطلعوا حولكم في أبيدجان فماذا ترون؟ جسر بوانيي. مدرسة بوانيي، مستشفى بوانيي للتوليد».

عندما حاولت المعارضة الشكوى من الوضع الاقتصادي عام 1990 رد بوانيي بإنزال الدبابات والشرطة وقنابل الغاز. لكن غباغبو رد بالدعوة إلى مؤتمر وطني. وسارع بوانيي إلى إجراء انتخابات رئاسية سابعة حصل فيها هذه المرة على 82% فقط من أصوات «الشعب»، هازما منافسه غباغبو.

لا جديد في ساحل العاج. غباغبو يكرر السلوك السياسي الذي عارضه والذي كان السبب في وصوله. أرض أفريقيا تغري بالبقاء مدى الحياة، ربح الرئيس الحاكم المعركة أم خسرها أم زورها، أم لم ينجح في تزويرها، كما حدث مع غباغبو هذه المرة، أفريقيا السوداء وأفريقيا البيضاء وأفريقيا السمراء وأفريقيا القمحية اللون.

اعرض سيادتك حكام أفريقيا: الجيل الأول، الذي سمي «جيل الحكماء»، والجيل الثاني والثالث واحتمالات الجيل الآتي. وسوف نتساءل بعدها: ما الجديد في ساحل العاج؟ بماذا تختلف عن الكونغو والسودان وأوغندا وسواها؟ صحيح هناك جنوب أفريقيا والسنغال، ولكن ذلك فقط من أجل كسر عين الحسود، ليس إلا. ولذلك يهيئ المرشحون للرئاسة الخرزة الزرقاء، سلفا، خوفا من العين الحاسدة. وقد وضع روبرت نغوابي عشرة منها. لعلكم تلاحظون مفعولها.