كن اجتماعيا بقراءة الصحف!

TT

ربما لا يدرك البعض أن «مواظبته» على قراءة الصحيفة يوميا، يمكن أن يقدم له مخزونا وفيرا من المواضيع الشائقة التي يستميل بها قلوب جلسائه.

هذه المواضيع المنوعة يمكن أن تلطف بها أجواء نقاشية مشحونة، في العمل أو خارجه، أو تغير بها مجرى الحوار من موضوع سياسي استنزف طاقة المتحدثين، إلى موضوع آخر اجتماعي أو فني أو رياضي، بسؤال واحد، كأن يقول أحد مثلا «هل سمعتم أن وزارة الصحة سوف تفرض رسوما على خدماتها؟ ويكون مصدره تصريحا رسميا قرأ تفاصيله بالصحيفة، أو يقول مثلا «ماذا كانت نتيجة مباراة فريق كذا؟» أو «هل تعلمون أن الدولة سترفع رواتب الموظفين اعتبارا من تاريخ كذا». هذه النوعية من الأخبار تملأ الصحف يوميا، ويمكن أن تكون مادة غنية لمواضيع حوارية ممتعة.

وهناك سر يعرفه الصحافيون جيدا، أبوح لكم به، وهو الهرم الصحافي المقلوب في الخبر. فإذا شعرت أنه ليس لديك وقت للقراءة فحاول الاكتفاء بالفقرات الأولى للخبر، لأن هذه الفقرات (في الصحف ذات المهنية العالية) يفترض أنها تنشر زبدة الكلام وهي الإجابة عن أهم خمسة أسئلة وهي: من؟ ولماذا؟ وأين؟ ومتى؟ وماذا؟ أو ما يسمى بالـ5 W’s، فهذه الأسئلة لا تخرج عنها الأخبار المكتوبة وإلا أصبحت ناقصة بحسب معايير الصحافة. فإذا أردت أن تتأكد من أنك فهمت الخبر بصورة عامة، حاول أن تجد الإجابة عبر هذه الأسئلة، التي غالبا ما نجدها في الفقرات الأولى. فحتى من يستمع إلى روايتك للخبر، لا تخرج استفساراته عن هذه الأسئلة الخمسة.

ويسمى الهرم المقلوب لأن قاعدته هي أساس الهرم التي تبنى عليها الأسئلة الخمسة المهمة، ثم تقل أهمية المعلومات تدريجيا حتى نهاية الخبر، وهو بخلاف القصة أو الرواية حيث الحبكة أو العقدة تذكر لاحقا. ولذا فإن المشرفين على الصفحة عندما يضطرون إلى اقتطاع جزء من الخبر لضيق المساحة يبدأون من الفقرات الأخيرة، مثل جمل «يذكر أن هذه الشركة رأس مالها كذا..».

ولمن لا يجدون متسعا من الوقت لقراءة الصحف وينشدون مواضيع ممتعة لبناء حوارات مع الآخرين، أنصحهم بالآتي. أهم أخبار البلدان تجدها «عادة» في ملخص ما ينشره مجلس الوزراء، والبرلمان (المشرع)، أو مجلس الشورى، والتصريحات الرسمية للمسؤولين، لا سيما ما تنشره الصحف المحايدة. كما أنك إذا أردت الحصول على خبر لم يتناه إلى أسماع الآخرين، فاحرص على قراءة الأخبار «الخاصة» بالصحيفة Exclusive مثل: «في تصريح خاص لصحيفة كذا». لأن هذه الأخبار الخاصة تمنحك ميزة عن غيرك لفتح حوار بموضوع لم يتطرق إليه أحد ممن قرأ صحفا أخرى. والأمر ينسحب على الأخبار الفنية، والثقافية، والسياسية، والاجتماعية، والدينية وغيرها. ولمن أراد أن يحافظ على حوار اجتماعي جاذب لكل الأطراف بعيدا عن المشاحنات، يفضل أن يتجنب الأخبار السياسية والدينية الخلافية. فالتركيز على «الحقائق» وليس على «الآراء» الشخصية البحتة غير القائمة على حقائق، يكون أفضل للبدء في حوار عام.

وتجدر الإشارة إلى أن أخبار الصفحة الأولى مهمة، لأنها عادة ما تتدحرج ككرة الثلج، إذ تبدأ أخبارا صغيرة ثم سرعان ما تكبر بتطور الأحداث، ولذا فإن المواظبة على قراءتها يجعل الشخص على علم بأهم مجريات الأحداث في بلده فتكون مشاركته أو استماعه للحوار أكثر فعالية. وبصورة عامة، فإن الصحيفة لا تحلق إلا بجناحي الخبر والرأي. فكتاب المقالات لديهم أيضا ما يضيفونه إلينا من آراء، وأحيانا معلومات، تثري حواراتنا. ويفضل أيضا اختيار صحيفة محلية وأخرى دولية (كـ«الشرق الأوسط» مثلا!) لنمنح أنفسنا ميزة الحصول على أخبار غير محلية قد تكون مادة جيدة للحوار.

قراءة الصحف فيها المتعة والاطلاع والثقافة، وهي عناصر جيدة للحوارات الاجتماعية اليومية، شريطة «المواظبة» على قراءة الصحف الأكثر تأثيرا!