إيران التي تجاورنا

TT

على الرغم من أن دول الخليج العربي هي الأكثر قربا من الناحية الجغرافية لإيران، والأكثر تأثرا إذا ما وقعت الحرب بين الغرب وطهران، والأكثر تضررا من البرنامج النووي الإيراني إذا ما انتهج الصناعات العسكرية وطور أسلحته التقليدية إلى نووية، فإننا نجد أن هذه الدول غائبة عن حوار الغرب وطهران.

وعلى العكس نجد أن دول جوار كوريا الشمالية جزء مهم من طاولة الحوار مع بيونغ يانغ حول النووي الكوري الشمالي.

وبالتأكيد فإن الغرب ممثلة بالدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، تسعى للحفاظ على مجموعة كبيرة جدا من مصالحها، ليس في منطقة الشرق الأوسط فقط، بل في عموم العالم، وواحدة من هذه المصالح تتمثل بالتأكيد في منع انتشار السلاح النووي، ليس خشية استخدامه السيئ من قبل بعض الدول ذات الطبيعة الثورية، بل من أجل إبقاء مصادر القوة في هذا المجال محصورة بأيديهم. وما يجري من حوار مع طهران يمثل وفق الرؤية السياسية الغربية محاولة احتواء إيران نوويا، وعملية الاحتواء هذه لها ثمنها بالتأكيد أو ما يسميه المفاوض الغربي بـ«سلة الحوافز» وهذه الحوافز استخدمها الغرب كجزرة يقدمها وقت ما يشاء لأنظمة كثيرة مقابل تخليها عن برامجها النووية أو ملفات أخرى، وهنالك أسئلة تطرح نفسها بقوة، ومنها: ماذا لو فشلت هذه المفاوضات الطويلة مع طهران، وقرر الغرب شن الحرب عليها بغية تدمير منشآتها النووية؟ من سيدفع الثمن؟

هل ستطال الصواريخ الإيرانية التقليدية منها وغير التقليدية واشنطن وبرلين وموسكو وغيرها من العواصم الست التي ربما ترغب بعضها بالوصول لحالة الحرب؟ خاصة أن الحرب في أحيان كثيرة تمثل للغرب تجارة مربحة قد تخلق فرص عمل وتحقق نسب نمو بعد ركود اقتصادي.

بالتأكيد لن تصل الصواريخ الإيرانية لهذه المديات، لكن مدننا في الخليج ستكون ضمن مدياتها، وسندفع نحن الثمن شئنا أم أبينا، وربما ستتحمل دول الخليج العربي قسطا كبيرا من نفقات الحرب.

قد يكون هذا السيناريو بعيدا جدا لكنه محتمل في ظل المفاوضات الطويلة التي من شأنها أن تجعل كلا الطرفين يكسب مزيدا من الوقت، الغرب لا يريد أن يبتعد الآن عن المسارات الدبلوماسية، ويعطيها وقتها الكافي لغايات واستراتيجيات لا يمكننا الوصول إليها أو معرفة خفاياها في ظل تجاربنا السابقة مع العقلية الغربية التي بدأت تستخدم عنصر المفاجأة، وطهران تكسب مزيدا من الوقت وتستعرض بعض قوتها بين الحين والآخر في مناورات على مرمى حجر من مدن الخليج العربي. وقد تكون هذه المناورات تستهدفنا نحن ولا تستهدف البوارج وحاملات الطائرات التي تعج بها مياهنا الإقليمية والمياه المجاورة لها.

وهذا ما يجعلنا نتساءل: لماذا لا تكون إحدى دول الخليج ضمن مجموعة الدول الست لتكون السابعة التي تتابع وتراقب وتقترح في طاولة المفاوضات مع طهران، خاصة أنها معنية بنجاح المفاوضات ولديها رؤيتها لهذا وربما لديها الحلول الناجعة التي من شأنها أن تدفع عملية المفاوضات للأمام. بل من الضروري أن تكون دول الخليج العربي ضمن الجالسين على طاولة المفاوضات لأسباب عديدة، لكن أهمها هو أن جزءا كبيرا جدا من نفط العالم ينتج هنا ويعبر من المياه الإقليمية التي تقع ضمن مديات الصواريخ الإيرانية.