إيران.. الشتائم الخارجية أزمة داخلية

TT

في وكالات الأنباء الإيرانية تجد أخبارا مفبركة عن السعودية، وغيرها من دول المنطقة، تتحدث عن تقارب مع إيران، وأحاديث عن زيارات مرتقبة لقيادات سعودية كبيرة، أو آخرين من المنطقة، لطهران، لكن في نفس الوقت تجد «شتائم» وأخبارا ملفقة ضد السعودية، ودول المنطقة أيضا، مما جعل كثيرا من المراقبين في حيرة، فكيف يمكن تفسير ذلك؟

أحد المتابعين يسألني أوليس غريبا هذا التصعيد ضد السعودية في الإعلام الإيراني؟ إجابتي لا! فالقضية ليست في السعودية، وليست من الموقف في لبنان أو العراق، أو أي مكان آخر، بل إن القضية في طهران نفسها، فالمشكلة إيرانية داخلية.

والدليل على ذلك أن كثرا لم يتنبهوا إلى أن الهجوم الإيراني على الدكتور إياد علاوي زعيم القائمة العراقية، من خلال القول بأنه قد قام بتسليم رسالة إلى طهران يقدم فيها حزمة اقتراحات يتعهد بتنفيذها (علاوي) في حال وافقت طهران على أن يصبح رئيس وزراء للعراق، وهو ما نفته «العراقية» بكل وضوح، جاء ذلك الهجوم في الوقت الذي زار فيه وزير خارجية إيران الجديد بالوكالة علي أكبر صالحي العراق، وتحدث فيها عن أن بلاده تتطلع إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات مع العراق! صالحي نفسه، الذي يروج البعض إلى أنه قد يكون أوغلو إيران، من حيث نظرية تصفير المشكلات مع جيران طهران من دول المنطقة، هو من تحدث، أي صالحي، مع بدء مهمته كوزير خارجية بالوكالة عن أن من أولوياته دفع العلاقة السعودية الإيرانية، بل وترميمها!

فكيف تستقيم الأمور هنا مع وزير خارجية جديد يتحدث عن ترميم علاقات بلاده مع السعودية، وإعطائها الأولوية، ثم تشن بلاده هجوما على الرياض، ومن خلال وكالات أنباء إيرانية محسوبة على صناع القرار هناك، وكيف يفهم التصعيد ضد علاوي، والإساءة إليه، ومن خلال وكالة أنباء فارس الإيرانية في الوقت الذي يتحدث فيه وزير خارجية إيران عن فتح صفحة جديدة بين البلدين، خصوصا أننا نتحدث عن وكالات أنباء إيرانية، وليس صحفا أو قنوات تلفزيونية!

وبالتالي، فإن معنى كل ذلك أن القضية ليست خارج إيران، بل هي إشكالية إيرانية داخلية، تشير إلى أن الأمور في طهران لا تسير وفق أوامر قيادة واحدة، بل إن هناك صراعا سياسيا كبيرا على السلطات، والصلاحيات، ومن يفعل ماذا في إيران، خصوصا أن هناك خبرا لم يفسر إلى الآن حول إقصاء نجاد عددا كبيرا من مستشاريه، وفي حالة إيران، فالأهم من الأخبار هو تحليلها.

وعليه فإن جميع المعطيات تقول إن الأزمة هي داخل إيران نفسها، وليس في الخارج، كما تعني أنه ليس بمقدور صالحي أن يكون أوغلو إيران؛ فلطهران أكثر من رأس، وبالتالي فمن الصعب أن يرمم صالحي أي علاقة خارجية لبلاده. ولذا نقول دعونا لا ننشغل بالتسريبات الإيرانية، بقدر ما يكون تركيزنا على ما يدور داخل إيران نفسها، فكلما ازدادت الشتائم خارجيا، فهذا يعني أن في الداخل الإيراني أزمة تتفاعل.

[email protected]