هل يمكن لباكستان أن تتخلص من التعصب الديني؟

TT

خلال الأسبوع الحالي، سوف يقوم جو بايدن بأهم رحلة خارجية له منذ أن أصبح نائبا للرئيس؛ حيث سيزور باكستان، وهي دولة تتعرض لكارثة على كل المستويات؛ العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وقد تعرضت باكستان لمشكلات منذ فترة طويلة، ولكن اغتيال سلمان تيسير، أشجع سياسي ليبرالي في باكستان، خلال الأسبوع الماضي سلط ضوءا جديدا وقاسيا على هذه المشكلات. وقد اعتقدت دائما أن النخبة الحاكمة في باكستان كانت مسؤولة بشكل جوهري وأن جيشها لن يسمح للدولة بالتعثر وأن ترسانتها النووية كانت آمنة. وبعد الأسبوع الماضي، لست متأكدا تماما من ذلك.

وكان الجانب الأكثر إثارة للخوف في حادث اغتيال تيسير يتمثل في أنه نفذ بواسطة أحد حراسه، الذين ينتمون إلى إحدى وحدات الصفوة في شرطة إقليم البنجاب والتي تلقت تدريبات بشكل خاص على مقاومة الإرهابيين.

وأخبر ممتاز قادري زملاءه بأنه سيطلق النار على الحاكم. ولم يمنعه أي فرد منهم، كما لم يخبروا أي شخص بهذا الأمر. وشاهد الحراس الآخرون الحادث عندما كان قادري يمزق جثة تيسير بأكثر من 20 رصاصة وبعد ذلك ألقى مسدسه على الأرض بهدوء. وقد ظهرت تقارير عن أن آراء قادري المتشددة كانت معروفة لرؤسائه، وأنها لم تنقل إلى السلطات العليا، ولكنه بقي في عمله.

ولم يكن هذا هو الهجوم الأول الذي يدعم الاستنتاج القائل بأن الجهاديين يخترقون الجيش الباكستاني، الذي خلق دعمه طويل الأجل للإسلام المسلح شبحا مزعجا.

وعندما كان برويز مشرف رئيسا لباكستان، نجا من محاولتي اغتيال نفذهما ضباط في الجيش والقوات الجوية. وتعتقد الاستخبارات الأميركية أن إلياس كشميري، أحد منفذي المحاولتين، وهو فدائي سابق في الجيش أصبح عميلا في تنظيم القاعدة، يعد زعيما إرهابيا لدودا مثل أسامة بن لادن. وفي عام 2007، نفذ ضابط بالجيش الباكستاني تفجيرا انتحاريا ضد فرقة الخدمات الخاصة النخبوية في الجيش الباكستاني.

وما يدعو للقلق أيضا هو أن الليبراليين والمعتدلين في باكستان ظلوا صامتين وكانوا خائفين في أعقاب الاغتيال. وقد اختفى شيري رحمن، حليف تيسير الوحيد في البرلمان. بينما أعلن رجال دين وسياسيون وحتى بعض الصحافيين صراحة أن مقتل تيسير كان مبررا بسبب آرائه المتحررة، وأعلن عدد قليل من الناس عن تأييدهم له.

إنها معضلة المجتمع الباكستاني؛ حيث لم تحصل الأحزاب الإسلامية المتطرفة إطلاقا على أكثر من نسبة قليلة من أصوات العامة، ولكن النخب تنحني للمتعصبين. وكان تيسير سياسيا جذابا ومحبوبا. وكان أعداؤه بلطجية غير منتخبين. وكان يمتلك أصوات الناخبين، ولكنهم كان لديهم الأسلحة. ومنذ عقد السبعينات من القرن الماضي، عندما قرر حاكم باكستان المستبد في ذلك الوقت محمد ضياء الحق أن الجيش حصل على مصداقية عبر اتحاده مع متشددين إسلاميين، تأثرت المؤسسات السياسية في الدولة بالتطرف بعمق.

وهناك التحدي الماثل أمام بايدن. ولا بد أن يخبر حكام باكستان أن هذه لحظة المكاشفة بالنسبة لهم. ويتعين عليهم أن يتبنوا الطريقة الهجومية وأن يخلصوا بلادهم من سرطان التعصب الديني. ويمكن أن يوضح بايدن أن الولايات المتحدة تدعم الحكومة المنتخبة ديمقراطيا، والأشخاص الذين يدفعون من أجل الحداثة وتحقيق السلام والأفراد المستعدين لمقاومة الإرهاب. والنفوذ الأميركي في إسلام آباد كبير ولعب دورا بناء في حشد الدعم للحكومة المدنية خلال الأسبوع الماضي.

ويحتج جنرالات باكستان بأنهم يحاربون الإرهابيين وأن أفضل دليل على ذلك هو أنهم يتعرضون لخسائر في الأرواح. وهذا صحيح. وعلى أعلى المستويات، يتفهم الجيش بأنه يتعين عليه محاربة المسلحين الإسلاميين. ولكنه يحاول أن يجري عمليات تمييز بين الإرهابيين ويتردد في تحديدهم ويظل مشغولا بكسب عمق استراتيجي في الخارج - في حين أن دولته تسير إلى الهاوية.

انظروا إلى طالبان الأفغانية، التي تتمركز قيادتها بشكل كامل في منطقة شمال وزيرستان الواقعة على الحدود مع أفغانستان. وقد رفض الجيش الباكستاني مهاجمة أي جماعات مرتبطة بها، مدعيا أن الجماعة قد تقلصت. وفي الحقيقة، لا يزال جنرالات باكستان يعتقدون أن الطريقة الوحيدة لامتلاك نفوذ في أفغانستان تتم عبر حركة طالبان، التي كانوا يمتلكون شراكة معها لمدة 20 عاما.

وإذا لم يكن بمقدور باكستان عكس دوامة تراجعها، فسوف يتعرض الجهد الأميركي في العراق للفشل. وما دامت حركة طالبان وتنظيم القاعدة يتمتعان بالأمان والدعم في ملاجئهما بباكستان، فسوف يكون التقدم في أفغانستان مؤقتا دائما. ويمكن أن تنسحب حركة طالبان بسهولة إلى قواعدها الباكستانية وأن تسمح للقوات الأميركية بالانسحاب خلال فترة لاحقة من العام الحالي، ثم تعود بعد ذلك وتستريح وتعيد تسليح نفسها لكي تجدد المعركة ضد حكومة كابل. وفي هذا الوقت، سوف تواجه الولايات المتحدة خيار الاضطرار إلى «زيادة قواتها» مرة أخرى أو مواصلة الانسحاب في مواجهة حركة طالبان المتنامية.

* خدمة «واشنطن بوست»