لبنان.. من أسقط المبادرة؟

TT

السؤال أعلاه هو المتسيد اليوم في لبنان، والإعلام العربي، فسؤال «من أسقط المبادرة السعودية – السورية؟» سيكون أيضا وقودا لمعارك لبنان الآنية والقادمة، حيث بات شماعة للجميع، لكنه سؤال خاطئ، ولذا ستكون كل محاولات الإجابة عنه خاطئة بالطبع، فما بني على باطل فهو باطل!

وفي إطار هذا السؤال سمعنا ميشال عون وهو يلوم فريق المستقبل، وسمعنا من دمشق من يلوم الأميركيين، والأمر نفسه يتكرر من قبل الإعلام المحسوب على حزب الله، لكن، ومع كل ذلك، فإننا لم نسمع أحدا يطرح السؤال الصحيح، وهو: ما هي هذه المبادرة، وأين هي؟

فإذا كان الرئيس السوري نفسه قد قال في آخر زيارة له إلى باريس إنه ليست هناك مبادرة سعودية - سورية، وإن الحل لبناني، فكيف يقال اليوم إن الأميركيين قد عطلوها، أو إن سعد الحريري لم يستجب؟ وكذلك لم نسمع مسؤولا سعوديا واحدا صرح، أو تحدث، عن مبادرة، وكنت قد نقلت في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2010 في مقال («المبادرة» أو «الأفكار» السعودية - السورية) عن مصدرين سعوديين ما كان نصه التالي، حيث قال المصدر الأول: «صدقني لا توجد مبادرة»، بينما قال المصدر الآخر: «قد تكون أفكارا، لكن لا أستطيع القول إنها مبادرة». مضيفا: «هناك أفكار من الصعب تركيبها على بعضها البعض»!

وهنا من المهم أن نتنبه إلى ما صرح به مسؤول أميركي لصحيفتنا السبت الماضي؛ حيث قال: «كلنا قرأنا باهتمام النقاشات حول صفقة سعودية - سورية، وأظن من اللافت أن النقاش حول هذه الصفقة عادة ما يظهر في وسائل إعلام تدعمها سورية، مما يجعل هناك اتجاها (سوري - حزب الله) في القصص المنشورة». وهذا صحيح، حيث لم نقف على معلومة واحدة حول المبادرة في أي وسيلة إعلام أخرى، سواء مستقلة، أو من خارج لبنان!

والحقيقة الماثلة أمامنا أن حزب الله في ورطة حقيقية، خصوصا إذا ما تذكرنا تصريحات الحزب التي طالب فيها الدول الصديقة والشقيقة بالحيلولة دون صدور القرار الظني من قبل المحكمة الدولية، ولذلك فإن الحديث عن المبادرة لم يكن إلا من باب الأماني، فصحيح أنها قد تكون أفكارا، لكن هناك حقائق مهمة، أبرزها: من الذي يستطيع تعطيل صدور قرار المحكمة؟

ولذا؛ فليس مهما ما يقوله الإعلام المحسوب على حزب الله، أو ما ينقله زوار سورية، فزيارة دمشق لا تعني أنك تفهم ما يدور هناك، خصوصا إذا كنت تستمع دون أن تقرن الأفعال بالأقوال. ولذا نقول إن المبادرة لم تكن موجودة حتى يتهم أحد بإسقاطها. وكل ما في الأمر أن حزب الله بات في ورطة أمام محكمة الرأي العام العربي، وتحديدا السني اللبناني، وأن الحزب، الذي استمرأ الهروب للأمام، بات اليوم يواجه استحقاقا تعود الهروب منه بعنجهية وغرور. ورطة الحزب اليوم أن أي حل لن يكون بيده، حيث بات الحزب الآن تحت رحمة كثر في لبنان، وخارجه. وهذه القصة التي يجب أن نفطن لها في قادم الأيام!

[email protected]