الغيرة القاتلة

TT

قرأت أن الدكتور (بروس بورتر) الجراح البريطاني المشهور كان من المشرفين على علاج فتاة مريضة في مستشفى تدنو من أجَلها رويدا رويدا، وكانت تقرأ قصة مسلسلة في صحيفة، وكانت بطلة القصة مصابة بمرضها نفسه، فهرع الجراح إلى المؤلف وسأله عن نهاية القصة، فعرف أن البطلة تموت في الحلقة الأخيرة من السلسلة، فأقنعه بأن يعدل الخاتمة، ففعل، فعاشت فتاة القصة وفتاة المستشفى كلتاهما.

فهل الحالة النفسية تلعب دورا في العلاج؟!

* * *

أتيت أحد الرجال (النافذين)، ورجوته أن أحادثه على انفراد، فنهض مشكورا من مكانه لينتحي بي جانبا بعيدا عن الحضور، وقبل أن أتكلم قال لي: اسمع، لا تمدحني فأنا أعرف بنفسي منك، ولا تكذب علي لأنني أكتشف الكذب من بريق العين، وإياك أن تغتاب عندي أحدا، والآن هات ما عندك.

عندها أسقط في يدي فأجبته صادقا: ليس عندي إذن ما أقوله لك، والآن هل تسمح لي بالانصراف؟! فقال لي وهو يشير بيده نحو الباب: تفضل.

والحمد لله أنه لم يتبعها بجملة: من غير مطرود.

* * *

سألني: افرض أن زوجتك اختفت فجأة من حياتك، وأردت أن تعلن عن حاجتك لامرأة تؤدي عملها نفسه، فماذا سوف تكون صياغتك للإعلان؟!

فقلت له: لا تسألني لأنني بصراحة أكره الإعلانات، ولكن لو كنت أنت في الموقف نفسه، فماذا سوف تكتب؟!

قال: إنني سوف أكتب: مطلوب امرأة للمساعدة في أعمال بيت؛ 18 ساعة عملا في اليوم، وسبعة أيام في الأسبوع، على أن تقضي الليل في البيت، ولا بد من أن تكون ملمة بالطهي، والخياطة، والإسعاف، وشؤون الأطفال، ومبادئ الكهرباء، ومسك الدفاتر، وذات معرفة كافية بأخلاق الرجال، ولا بد من أن تكون قوية شديدة العزم، وتفضل من يكون لها إلمام بأعمال الحدائق؛ على أن تؤدي هذه الأعمال من دون أجر.

* * *

في مدينة أوروبية خرجت مع أحدهم من الفندق، وشاهدنا امرأة لا يقل عمرها عن (85 سنة)، وهي واقفة في البرد تنتظر تاكسي من دون طائل، فعطف عليها رفيقي وسألها إذا ما كانت تريد أن نوصلها في طريقنا، فوافقت المسكينة شاكرة، وفعلا ركبت معنا وأوصلناها إلى منزلها، وزيادة منه في الشهامة نزل معها يريد أن يأخذ بيدها ليوصلها إلى الباب، غير أنها رفضت بشدة قائلة: لا أرجوك، فأنا أخشى أن يشاهدك زوجي فتحصل مشكلة، لأنه غيور إلى درجة لا تصدق.

[email protected]