وعند الحشرات نذالة أيضا!

TT

في عالم الحيوانات والحشرات نجد الذكر هو الذي يبذل جهدا كبيرا لاجتذاب الأنثى. ويستخدم وسائل مختلفة لذلك.. كأن يكون العش كبيرا أنيقا مزدانا بالزهور.. وأن يكون له صوت جميل..

ومن بين التي لها صوت غنائي طائر الجدجد.. الذي له أنواع كثيرة في البيت أو الحقل. وهناك جدجد في مدينة القدس.. وهذه الحشرة صغيرة طولها حوالي ثلاثة سنتمترات. ومن أهم مزايا هذه الحشرة أنها تغني.. وذلك بأن تحك جناحيها بعضهما في بعض. وكل فصيلة من فصائل الجدجد لها لحن. وبذلك لا تنفصل الإناث عن ذكور فصيلتها.

وقد كشفت دراسة للأستاذة كاترينا بيلوتشي الإيطالية من جامعة بدوا أنها درست هذه الحشرات آكلة النمل الصغير، فوجدت شيئا غريبا؛ وجدت ذكرين في عش واحد، ولاحظت أن أحدهما هو الذي يغني، أما الثاني فلا يغني.. وقد لاحظت أنه مصاب في أحد جناحيه. فأتت بواحد صديق أو جار ومن فصيلته يغني بدلا منه لعل إحدى الإناث تهتدي إليه. وفعلا جاءت إحدى الإناث، فهجم عليها الذكر سليم الجناحين، فما كان من الذكر المصاب إلا أن هجم عليه وظل يدفعه خارج العش، ولكنه عاد إليه.. أما الذكر المصاب فلم يسكت وتمكن من طرده وإبعاده عن المنطقة..

وجدت شيئا أعجب. فلم يمر إلا لحظات حتى اكتشفت الأنثى أن الذكر مصاب في جناحه، وليس هو الذي استدرجها إلى العش، فراحت تطرد الذكر وتضربه حتى أبعدته تماما عن العش.. وفجأة وجدت الذكر الذي غنى لها هو الذي فاز بها وبالعش.. فما المعنى؟

المعنى أنها اختارت الأقوى. فالبقاء للأقوى. واختارت الأصلح والبقاء للأصلح. وهذا هو قانون الطبيعة الذي اكتشفه العالم الكبير داروين..

ومن الممكن أن تذهب إلى تفسيره أخلاقيا؛ وهو أن السافل يخسر. والسافل إذا صبر فإنه الكسبان في النهاية.. ولكن ليس هذا هو التفسير الصحيح. ولكن يمكن اتخاذ هذه الملحوظة عبرة ودرسا من الجدجد إلى الإنسان!