أوباما يذكر الأمة بالقاعدة الذهبية

TT

ألقى الرئيس أوباما خطابا رائعا ليلة الأربعاء الماضي؛ حيث نعى وأعلن عن تقديره بشكل مؤثر ضحايا العمل البشع والأحمق الذي ارتكب يوم السبت قبل الماضي خارج توسكون، وعزى وألهم الدولة، وشجعنا نحن الذين نحظى بشرف خدمة الولايات المتحدة. وشجع كل أميركي يشارك في مناقشاتنا السياسية - سواء كنا في جناح اليسار أم اليمين أم في وسائل الإعلام - على التطلع إلى تقدير أكثر كرما من بعضنا لبعض وامتلاك تقدير أكثر تواضعا لأنفسنا.

وشكك الرئيس بشكل مناسب في الاقتراح الضار بأن بعض المشاركين في مناقشاتنا السياسية كانوا مسؤولين عن وحشية رجل منحرف. وطالب كل فرد منا بالمشاركة في هذه المناقشات بأسلوب لن يمثل خيبة أمل للمشاعر الوطنية الواعدة لطفل بريء.

وأنا أتفق مع هذه المشاعر قلبا وقالبا. ويجب أن نحترم صدق القناعات التي أحيت مناقشاتنا، ولكنني أحترم أيضا الهدف المشترك الذي نخدمه نحن وكل الأجيال السابقة من الأميركيين؛ وهو المساهمة في ظهور دولة أفضل وأقوى وأكثر ازدهارا وعدلا من الدولة التي ورثناها.

ونمتلك نحن الأميركيين آراء مختلفة عن أفضل طريقة لخدمة هذا الهدف النبيل. ونحن نحتاج إلى عدم التظاهر بخلاف ذلك أو أن نكون جبناء في دفاعنا عن الوسائل التي نعتقد أنها سوف تحقق هذا الهدف. ولكن يجب أن نكون منتبهين أثناء نقاشنا حول خلافاتنا التي توحدنا أكثر مما تفرقنا إلى حد كبير جدا. ويجب أن نلاحظ أيضا أن خلافاتنا، عند مقارنتها بالخلافات الموجودة في عدد كبير، إن لم يكن في معظم الدول الأخرى، هي أصغر مما نتخيلها في بعض الأحيان.

وأنا أختلف مع عدد كبير من سياسات الرئيس، ولكنني أعتقد بأنه وطني يصمم بإخلاص على توظيف فترة بقائه في السلطة لتقدم قضية بلادنا. وأرفض الاتهامات القائلة بأن سياساته ومعتقداته تجعله غير جدير بقيادة الولايات المتحدة أو أنها تتعارض مع المثل التي قامت عليها الولايات المتحدة، كما أرفض الاتهامات القائلة بأن الأميركيين الذين يعارضون بشدة سياساته هم أقل ذكاء ورحمة أو عدلا من الأشخاص الذين يؤيدونها.

ويجب أن يكون خطابنا السياسي أكثر تمدنا مما هو عليه الآن، ونحن جميعا، بما في ذلك أنا بنفسي، نتحمل بعض المسؤولية عن عدم كون خطابنا على هذا النحو. وربما يتطلب الأمر قدرا كبيرا جدا من الطبيعة الإنسانية لتوقع تقيد أي شخص منا في كل الأوقات بالتواضع المستمر والتعاطف بدلا من التورط في إصدار تجاوزات خطابية تبالغ في تصوير خلافاتنا وتغفل أوجه الشبه الموجودة بيننا. ولكنني لا أعتقد أن الأمر أبعد من نطاق قوتنا وقدرتنا على الامتناع عن استبدال اغتيال شخص بمناقشة حيوية ومحترمة.

وتمتلك الحياة العامة العديد من المزايا الإضافية أكثر من المصاعب. وأول شيء من هذه المزايا هو تحقيق الهدف الذي يمكن أن تقدمه حياتنا من أجل تحقيق مساهمة في تقدم دولة يفترض أنها تدافع عن حقوق وكرامة البشر. وقد يكون هذا عملا متعبا في بعض الأوقات، ولكن في النهاية، تعتبر مكافآته أكبر من الأضرار التي يتم تكبدها لكسب هذه المزايا.

ولكن هذا لا يعني أن هذه الإصابات يسهل التنصل منها دائما وتحملها برباطة جأش مثالية. ولا ينتظر من القادة السياسيين ولا يمكن أن يتوقع منهم بشكل منطقي أن يكونوا غير مبالين بالافتراءات الأكثر قسوة والتي توجه إلى شخصيتهم. تخيل ما هو الشعور الحتمي بعد مشاهدة المذبحة غير المفهومة لأبرياء منذ أسبوع، التي ارتكبها شخص فقد الجزء الأساسي من إنسانيته، الذي كان يمكن أن يشارك به في الحزن على ضحاياه وفي الإعجاب بالأشخاص الذين تصرفوا بشكل بطولي من أجل إنقاذ حياة الآخرين، وبعد سماع أصوات في تغطية هذه المأساة تتهمك بالتورط فيها.

ولا يتطلب الأمر توافر قدر كبير جدا من طبيعة التعاطف الإنسانية لكي نفهم إلى أي مدى كان هذا الضرر مجحفا، أو نقيم مدى قوة حاجة الشخص للشعور بأنه يلقى أو تلقى دفاعا ضد مثل هذه الإهانات. ومن أجل فهم هذا الضرر في إطار تأثيره السياسي المفترض، وليس كمطلب صادر من القلب الإنساني للحفاظ على الكرامة التي يأمرنا بها الرب والمثل التي تربينا عليها وهي احترام بعضنا بعضا، فإن هذا التصرف لا يجدر بنا، ولا يجدر بفهمنا لمعنى الولايات المتحدة الأميركية.

وهناك عدد كبير جدا من المناسبات التي نفتقد فيها التعاطف والاحترام المتبادل في كل جوانب سياساتنا، وفي وسائل الإعلام. ولكن ليس ببعيد عنا أن نتصرف بشكل أفضل وأكثر تواضعا بكياسة واحترام بعضنا تجاه بعض، وأن نحقق تقدما تجاه الالتزام بالمثل الأعلى الذي يغري كل البشرية، وهو أن نتعامل بعضنا مع بعض بالطريقة التي نأمل أن يتم معاملتنا بها.

ونحن أميركيون وبشر متشابهون، وهذه الميزة المشتركة أكثر أهمية بكثير من الخلافات التي تعزز ثقافتنا السياسية الصاخبة والمتقلبة. وهذا ما سمعت الرئيس يقوله مساء يوم الأربعاء الماضي. وأنا أمدحه وأشكره عليه.

* سيناتور من ولاية أريزونا وكان مرشح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة عام 2008.

* خدمة «واشنطن بوست»