تعلمت من الرحالة ابن جبير!

TT

كنت مبهورا بالرحالة الأندلسي ابن جبير (1144 - 1217) فقد سافر من الأندلس إلى الإسكندرية ومنها إلى مكة أكثر من مرة. في ذلك الوقت لم أكن قد رأيت الإسكندرية وإنما عندما كنت مسافرا إلى السويد قال لي الكابتن: على الشمال سوف ترى الإسكندرية والتفت أرى. ولكن لم أر شيئا. فكأنني لم أزر الإسكندرية. وكان يصدني عن الإعجاب الشديد به لغته وأسلوبه. ورغم أنه شاعر، فإنني لم أستطع أن أجد متعة في قراءة كتابه (تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار) ولكنه من رواد الرحلات. وقد سبقني بالسفر والدوران حول الأرض كثير من الأوروبيين وقبل ذلك الفراعنة أيضا. وهذا ما يؤكده لنا الرحالة النرويجي الشهير تور هايردال الذي صنع سفينته رع الأولى ورع الثانية من أوراق البردي بالقرب من الهرم. وعبر بهما المحيط من ميناء أصفي المغربي..

ورحلات ابن بطوطة في داخل مصر قد أعجبتني فقد نقل أخبارا وانتقدها أيضا..

وكنت أقول في نفسي إن رحلتي التي قمت بها حول العالم كانت أطول وأمتع ولم يسبقني إليها ولن يجيء بعدي أحد..

وأعرف أنني عندما كتبت رحلتي (حول العالم في 200 يوم) والحقيقة 228 يوما، حاولت ألا أكون مثل ابن بطوطة وابن جبير..

ولكن ابن جبير له التفاتات أدبية بديعة. وهو يلتفت إلى القارئ ينصحه بأن يسافر ما استطاع إلى ذلك. لأن السفر يغسل الأبدان والنفوس وحتى لو أرهقنا السفر فعندنا حكايات نقولها. أي إن السفر مكسب؛ إذا استرحت فسوف تقول، وإذا تعبت فسوف تقول!

ويقول أيضا: وحدك يجب أن تسافر إلا من خادم يساعدك. فإن استطعت أن تستغني عن الخادم فهذا أفضل. وينصح بأن يكون المسافر خفيفا: لا يأكل كثيرا ولا يشتري كثيرا. ويأسف أنه لم يستطع أن يكون كذلك. فلما ماتت زوجته قرر ألا يبقى في مكان واحد. ولما ثقل عليه المرض جاء إلى الإسكندرية ومات فيها..

وحده سافر ووحده مات!