الأمير سعود.. إذا سمحت لي!

TT

كل كلمة جاءت في تصريح الأمير سعود الفيصل، أمس، للقناة الأولى في التلفزيون السعودي عن الملف اللبناني وقضية المحكمة الدولية، كانت مهمة، ولها دلالات. فوزير الخارجية السعودي أرسل أهم الرسائل منذ الكلمة الأولى في إجابته على محاوره حول ملف لبنان.

قال الأمير سعود لمحاوره: «إذا سمحت لي، أنا أختلف معك.. في البداية لا أقول شخصيا أني أقود هذا الموضوع، فهذا الموضوع يقوده شخصيا خادم الحرمين الشريفين، وهو اتصل مباشرة، الرأس بالرأس، بالرئيس السوري، فكان الموضوع بين الرئيسين للالتزام بإنهاء المشكلة اللبنانية برمتها، ولكن عندما لم يحدث ذلك أبدى خادم الحرمين الشريفين رفع يده عن هذه الاتفاقات»!

ومعنى ذلك أن العاهل السعودي نفسه من أشرف على الملف، ووفق التزامات محددة، وبالتالي فلا يمكن القول الآن إن هناك طرفا لم يف بالتزامه ويتجاوب مع السعودية في لبنان، مثل «14 آذار»، أو سعد الحريري، كما يحاول البعض القول، منذ فترة. كما لا يمكن الحديث عن تدخل خارجي أو ضغوط حول الموقف السعودي، فللملك عبد الله بن عبد العزيز رصيد معروف من المواقف التي تثبت أنه ينطلق وفق قناعاته، ومصالح بلاده، وكان آخرها إعلان المصالحة العربية في الكويت، وحينها عادت العلاقة الطبيعية بين الرياض ودمشق، وقبل حتى أن ترسل واشنطن سفيرها إلى سورية.

تصريح الأمير سعود الفيصل كان واضحا، خصوصا عندما قال إن الاتصال كان مباشرا، «والرأس بالرأس»، ولكن عندما لم يحدث الالتزام، فإن الملك عبد الله رفع يده عن هذه الاتفاقات. وبالتالي يفترض الآن أن تنحسر دائرة الاتهامات والتسريبات المضحكة التي تعودها الإعلام المحسوب على حزب الله، ودمشق بالطبع، فليست هناك مبادرة، وليس هناك «س + س».

وهذا بالطبع يقودنا إلى المغزى الثاني في تصريح الأمير سعود، وهو أنه بات الآن على كل طرف يحاول الوصول إلى اتفاق ما حول ملف المحكمة الدولية في لبنان، أن يقدم أفكاره ومقترحاته تحت اسمه وأمام الملأ بشكل صريح، دون أن يحمل السعودية أكثر مما يجب، وأن لا يتحدث باسم الرياض، أو كأنه وكيل عنها، أو مفوض من قبلها، كما ردد البعض في الأيام الأخيرة في لبنان.

وذلك يعني أنه أهلا وسهلا بالأتراك والقطريين، ولكن بأفكارهم وأسمائهم وليس تحت المظلة السعودية، كما شاهدنا بعد القمة الثلاثية في دمشق، التي جمعت كلا من سورية وتركيا وقطر، ونادت بضرورة تفعيل المسعى السعودي - السوري، فمن أراد أن يقترح ويبادر ويقوم بدور ما في لبنان، فليفعل ذلك، ولكن تحت اسمه وأمام الجميع، ودون إقحام لاسم السعودية.

صحيح أن تصريح الأمير سعود الفيصل صب كالماء البارد على كثر في المنطقة ولبنان، ولكن هذا أمر جيد ومطلوب، كما نقلنا أمس عن مسؤول مطلع على الملف اللبناني بأنه لا بد من المصارحة حول ما يجري في المنطقة ولبنان، بدلا من أحاديث تخفي أكثر مما تظهر، وتنطوي على «المجاملة والتكاذب المتبادل».

[email protected]