ولم يستجب الله لأوهامي!

TT

ليس عندي سبب شخصي للإعجاب بزوجة غورباتشوف أستاذة الفلسفة في جامعة موسكو. رأيتها مرة واحدة في موسكو، وقدمت لها نفسي بين كثيرين وقلت لها: نحن أقارب؛ فكلانا تلميذ في مدرسة سقراط وأرسطو وكارل ماركس. وأظن أنها يهودية؛ فاسمها رئيسة غورباتشوف. وقد انتقدها الشعب الروسي لأنها سافرة وجريئة وترتدي الملابس الغربية والفراء الأنيق. ولم يألف الروس رؤية زوجات الرؤساء، إلا في الجنازات الرسمية. وكل الزوجات الروسيات كالدببة ضخمات الأجسام، ومن الأفضل حجبهن عن الشعب.. ولكن رئيسة هذه كانت فرنسية الأناقة أميركية النشاط والدولارات. واشتد النقد ضدها، ولكنها لم تأبه له؛ لا هي ولا زوجها.

وطلبت من مندوبنا في موسكو أن يطلب لي لقاء خاصا معها، ثم تمنيت من الله ألا يتم هذا اللقاء.. نفرض أنها حددت لي موعدا في شهر ديسمبر (كانون الأول) والجليد يغطي كل شيء في موسكو. ولا بد أنها تصحو مبكرا، وقد تدعوني للقائها في ساعة مبكرة ودرجات الحرارة تحت الصفر.. ونفرض أنه طلع في دماغها ودعتني إلى أن نتمشى معا كما كان يفعل أستاذنا أرسطو.. أو نفرض أن حكاياتي ورواياتي قد أعجبتها وطلبت أن أزورها كل صباح لنتكلم.. يا نهار أسود. معنى ذلك أنني سوف أموت كما مات الفيلسوف الفرنسي العظيم ديكارت وهو يعلم ملكة السويد الفلسفة صباحا وكل يوم ومبكرا وفي عز الجليد؛ هي قوية البنية، وهو رجل هزيل ضعيف، ولم يستطع أن يقول لها: لا.

ونفرض أن لها مذكرات كتبتها بالفرنسية أو الإنجليزية، وقالت لي: «أنا أريدك أن تترجمها إلى العربية». وأنا لا أريد أجرا، وإذا كان، فسوف أعطيه للفقراء من الأدباء. طبعا لن أقول لها إنها لن تأخذ روبلا واحدا، فالناشرون عندنا يكسبون.. وآخر واحد يستحق الأجر هو المؤلف.. وأجره هزيل!

وجاءني مندوبنا يقول لي: «السيدة رئيسة غورباتشوف يسعدها أن تراني في ديسمبر المقبل ببلدها في سيبريا»!

وحمدت الله أنه لم يستجب لكل أوهامي؛ فقد خرجت من روسيا ولم تعد هي وزوجها وكل الذين يحبونها!